صفاء محمد
أيتها الفتاة المسلمة يا كل الأمل والمنى.. كلامي لكِ أنتِ.. ولنفسي.. ولجميع المسلمين.. أخصكِ أنتِ لأنكِ عمود هذه الأمة، تُخرِّجين لنا الأجيال تلو الأجيال فإذا صلحتي أنتِ صلحت الذرية ..
. ولأنكِ ذات مشاعر رقيقة وجياشة، وتشتشعرين حب الخير بفطرتكِ، فأملي فيكِ كبير أن تسمعي بقلبكِ قبل أذنكِ وتترجمي ما تسمعينه إلى معاني عملية في حياتكِ ..
ففرصتكِ هي ركوب ذلك القطار، أتدرين ما هو القطار الذي تركبينه ونركبه سويًا هو عمركِ وهو سائر بكِ ومُتجِهٌ إلى آخرتكِ، بما يحمله من أعمال صالحة أو سيئة، فإما إلى جنة وإما إلى نارٍ والعياذ بالله. فإذا توقف ذلك القطار توقف عمركِ وتوقف عملكِ وانتهت بكِ الرحلة
. رحلة العمل التي قال ربنا فيها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، فالعبادة مفهومها أشمل وأعم من القيام بفروض معينة، إنما هو كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، كما تحتاجين إلى تحقيقها لمحبة كبيرة في قلبكِ إلى خالقكِ ومعرفة عظمته ومن تعبدين، فيكبر إيمانكِ ويزداد في قلبكِ
. فهذه دعوة لزيادة وتجديد الإيمان في قلوبنا حيث ما زلنا نركب القطار فبإمكاننا أن نقف مع هذه الفرص قبل أن يقف بنا قطار العمر وأولها: فرصة للتوبة والعودة…
.. فرصة لمحاسبة النفس وتقصيرها في حق خالقها….
.. فرصة للتعديل في حجابكِ….
الي الله .. فرصة لتسخير الأجهزة الحديثة في الدعوة….
ولا تتحقق تلك الفرص إلا بالقرب من الله تعالى وذلك بترقيق القلوب وهذا لا يحصل إلا بزيادة الإيمان؛ والإيمان حصن الأمان، فتذوقي يا أخية طعم الإيمان وحلاوته ليشرق نوره في أرجاء قلبكِ فيحرق كل معصية ويعصمكِ من الفتن، ألم تقرأي قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن من الآية: 11)
فراقبي الله في السِرّ والعلن كي يهدي قلبكِ ويثبتكِ، قبل أن يذهب القطار بلا عودة وتنقضي رحلة العمر بلا رجعة، فعليكِ بالحياء، فالحياء من الله جدار سميكِ يقيكِ من المعاصي والشهوات،
وكما قال أحد الصالحين
إذا ما قال لي ربي .. أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي …وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما …. يعاتبني ويقصيني
فيا من أمسكتي (بالريموت) تقلبين القنوات تلو القنوات وتذهبين بالعمر والأوقات، وظللتي طوال الليل تبحثين عن الفضائيات الفاضحة “الله يسمعكِ ويراكِ”..
يا من قضيتي الليل أمام المواقع الماجنة والفاسدة تبحثين هنا وهناك عن المناظر والمشاهد الخليعة.. “الله يسمعكِ ويراكِ”
.. يا من أهلكت عمرها ووقتها أمام المحادثات في الكمبيوتر وفي المهاتفات مع من لا يحل لها.. “الله يسمعكِ ويراكِ”
.. يا من تساهلت في لبس حجابها وشروطه ورضيت بلبس البنطلون والضيق والقصير من اللباس وأظهرت عورتها للنساء، وعرَّضت نفسها لعقوبة الكاسيات العاريات مستصغرة لذنبها والله سبحانه يقول: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور من الآية:15]..
“إن الله يسمعكِ ويراكِ”
.. فحققي الإيمان ليحقق الله لكِ الأمن والسعادة
.. قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82
.. فالسعادة والطمأنينة وراحة البال تنبع من الداخل لا من الخارج
.. فهيا لنُعلِنها توبة أيتها الفتاة المسلمة قبل أن يقف القطار بالعمر فلا عودة حينها ولا عمل؛ بل حساب وثواب أو عقاب: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89
.. سليمٌ بالعقيدة، سليمٌ من المعاصي والآفات والشبهات والبدع، سليمٌ من الأحقاد والأضغان والحسد.
فالله ولي ذلك والقادر على أن يهدينا إلى سواء السبيل وإلى استغلال أعمارنا وأعمالنا
. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.