سالم الهمالي
لست متفائلا على الإطلاق بوعود الانتخابات الموعودة في 24 ديسمبر، بالرغم من أن ذلك أصبح كاللبانة في فم كل متحدث في الشأن الليبي! لنترك إمكانية إجرائها في الموعد المحدد جانبا، فالصغير والكبير والعالم والجاهل والذكر والأنثى يعرف أن المتشبثين بالسلطة والثروة والقوة في ليبيا (لا ولم ولن) يتركوها حتى يلج الجمل في سم الخياط، كل طرف أو جهة يقدم حججا وأعذارا واهية متهمًا الآخرين بالعرقلة، وكأنه هو الوحيد في العالم أجمع من يضع مصلحة ليبيا والليبيين في “بطنه”. وإن كان المرجح حتى اللحظة استحالة إجرائها، إلا أننا سنعتبر إمكانية القيام بذلك قائمة، إذا صدقت (لأول مرة) وعود المجتمع الدولي، وبالطبع تعرفون من هو المجتمع الدولي. السؤال الأساسي هو: – هل سيتغير الواقع الليبي بإجراء الانتخابات؟ هنا بيت القصيد ومربط الفرس، إذ أن التغيير ليس غاية في ذاته، إنما التغيير للأفضل هو الهدف، وضع ينقل ليبيا من الحالة المزرية التي تعيشها، فاقدة للسيادة منتهكة الحدود، مستعمرة وبحكومات كرتونية لا تمثل الشعب ولا تخدمه! اليوم، الواقع في ليبيا غير ما كان عليه قبل (2011)، أطراف متعددة تمتلك جزءا من السلطة، تمارسها في جزء من البلاد، بعضها يتبع أطرافا إقليمية ودولية مباشرة، يتلقى الدعم والتعليمات وينفذ الأوامر!… من منهم مستعد أن يخسر الانتخابات ويسلم (السلطة والثروة والقوة)؟! هب أن الانتخابات أجريت في موعدها المحدد (وهذا بعيد الاحتمال) ما الذي يلزم الأطراف للانصياع لنتائجها، ونحن نعلم أنه لا توجد قوة ليبية ولا إرادة دولية، طالما أن الإرادة الدولية متصارعة ومختلفة حول ما يجري في ليبيا؟. حتى الآن، هناك حراك واسع يدعو للانتخابات، بل إن هناك من أعلن صراحة عن نيته للترشح (للبرلمان، الرئاسة)، وفِي كل هذا الخضم لا أذكر أنني قرأت برنامجا انتخابيا لأي أحد منهم، ولا سطر، ولا كلمة، ولا حرف!! تمام، أنتم تريدون أن تمثلوا الشعب، ونحن متأكدون من وطنيتكم ونظافة سيرتكم ونزاهة ذمتكم وإخلاص دينكم، فهل من الممكن أن تقولوا لنا سببًا واحدًا يدعونا لانتخابكم؟ من مرتبات البرلمان إلى الاتفاقيات الأمنية مع الدول الأجنبية والمرتزقة مرورا بمصادر الدخل وإطلاق عجلة التنمية وتوفير فرص عمل للشباب ومعالجة أضرار الحرب وإعادة برمجة الاقتصاد الليبي وحماية الحدود ووووو … ، قائمة طويلة لا نهاية لها مليئة بالتحديات أمام الدولة الليبية وإدارتها التشريعية، لا نرى سوى مشاريع صرف وإهدار الميزانية وتضخم المرتبات والأهم من كل ذلك ترشيحات العمل في السفارات وقرارات الإيفاد للخارج وعضوية الشركات، وكان الله يبقى الله! ليبيا تعاني من خلل قاعدي، بعد أن انقلبت الموازيين رأسا على عقب، فأصبح معيار النجاح هو خدمة الذات والأقرباء بشعار (خدم على رأسه) وليس بناء أساس متين لدولة توفر فرصا للجميع، كل حسب جهده ومؤهله. الانتخابات في موعدها أو بعده بفترة قصيرة أو طويلة، هذا لا شك فيه، لكن يبقى السؤال: هل سينتخب الشعب الليبي من يخدمه أو يعيد إنتاج فئة جديدة بذات المواصفات والنتائج؟ الإجابة واضحة ومعروفة … الحاج موسى هو موسى الحاج!