عنترة يغتال الشعر وأنباء عن نجاته

عنترة يغتال الشعر وأنباء عن نجاته

على جمعة إسبيق

بيت قاله عنترة بن شداد العبسي وآخر قاله زهير بن أبي سلمى القيس الكندي تسببا في عملية اغتيال بعيدة المدى للشعر العربي فهل نجح عنترة وزهير؟ أم نجى الشعر من فخهما القديم؟

يقول عنترة:

هل غادر الشعراء من متردم

أم هل عرفت الدار بعد توهم؟

ويقول زهير:

ما أرانا نقولُ إلا رَجِيعًا      ومُعادًا من قولِنا مكْرُورا

وفي رواية أخرى:

ما أرانا نقولُ إلا مُعارًا    أو مُعادًا من قولِنا مكْرُورا

وقد نسب هذا البيت لغيره

ومعنى هاتين البيتين في المجمل أن الشعراء تطرقوا لكل المواضيع والأجناس والأغراض، وفضوا غشاء اللفظ فلا يوجد لفظ إلا وقد ثيب من الشعراء قبل وفي عهدهما

ليتلقف بعدهما الناس قولهما ليصدوا الناس عن قرض الشعر أو ليحاججوهم به، لغرض التعجيز أو التثبيط،

أولا لو كان هذا المعنى صحيحا لما كتب بعد حقبة الجاهلي شاعر، ولا برز في عصر صدر الإسلام وما عده شاعر، ولتوقف حسان، وكعب، وابن أبي ربيعة، وجرير والفرزدق والأخطل والكميت والمتنبي وأبو تمام والبحتري وأبو نواس وأبو فراس..

ولما ظهرت في صدر الإسلام أجناسا إسلامية لم يعرفها عنترة ولا من قبله من الشعراء،

ثم يأتي بعدهم الجاحظ ليقول مقولة أخذت على غير ما أراده إنما حرفت لتوافق هوى المستشهدين بالبيتين السابقين ألا وهي (المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي، والبدوي والقروي، وانما الشأن في اقامة الوزن، وتمييز اللفظ وسهولته، وسهولة المخرج، وفي صحة الطبع، وجودة السبك، فإنما الشعر صناعة وضرب من الصيغ، وجنس من التصوير..).

فالجاحظ لم يرد كل المعاني إنما في رأيي المتواضع وغير الملزم إنما أراد أصل المعاني وهو إما أن يكون النص مدحا أوما يشتمل عليه مما يرجعه إلى مدح أو ذما

 أوما يشتمل عليه مما يرجعه إلى الذم، هنا يختلف الأمر ويتسع الأفق وتصبح المعاني بلا قيد متاحة لدى الشعراء..

في علوم الفقه يقول الكثير من الفقهاء أن الأسلاف لم يتركوا بابا فيه إلا طرقوه، حتى جاءت أحكام تخص العمران، وتغير الزمن ومخالطة الأعاجم، وتطور الأحوال، ليرغمهم التغيير على التكيف مع الحال، ليستنبطوا أحكاما جديدة منطلقة من أصل قديم، يسقطونها على حالهم الذي لم يسبق أن تطرق له أي من المتقدمين..

القائل باكتمال الشعر..

المستشهد بأبيات عنترة وزهير

هؤلاء يخرجون ليعنون لنا الشعر، والبلاغة، والنقد، ثلاثة علوم ماتت لأجل راي متعصب لم يبصر بعيدا، ليرى عاقبة الدلو بدلو لم يحط بكل جوانبه..

الصحيح أن اللغة بشقها النحوي والاستشهادي قد اكتمل وتم، ولم يعد قابلا لفتح هذا الباب

لكن الشعر فهو حي يرزق وأنبئكم بنجاته وقد سلمت معه علوم البلاغة والنقد، وهو يشهد كل يوم ميلاد شاعر جديد، بفكرة جديدة، بلفظ جديد

لا أهتم هنا للشكل قديما عموديا، أم حديثا تفعيليا، نثريا أم غير نثري، لأن باب التجديد لم يقفل كما ادعوا بل مازال يردد

هل من مزيد؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :