الباحث القانوني :: أحمد خميس
لا يوجد فرق حقيقي بينهما. فمصطلح “الحرب الأهلية” ليس له معنى قانوني في حد ذاته. فالبعض يستخدمه للإشارة إلى النزاع المسلح غير الدولي. ولا تستخدم المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف – تُسمى هذه المادة “مشتركة” لأنها وردت بالصيغة نفسها في اتفاقيات جنيف الأربع- مصطلح “الحرب الأهلية”، بل تشير بدلاً من ذلك إلى “نزاع مسلح ليس له طابع دولي”. وتتجنب اللجنة الدولية بصفة عامة استخدام مصطلح “الحرب الأهلية” عندما تتواصل مع أطراف نزاع مسلح أو في العلن، وتستخدم بدلاً من ذلك النزاعات المسلحة “غير الدولية” أو “الداخلية”، حيث يعكس هذان المصطلحان الصيغة المستخدمة في المادة الثالثة المشتركة. ما هي المعاهدات والقواعد التي ينبغي لأطراف نزاع مسلح غير دولي احترامها؟ يُطلَب إلى الأطراف المنخرطة في نزاعات مسلحة غير دولية الامتثال للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف ولقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي كحد أدنى. وتضمن هذه القواعد معاملة إنسانية لكل شخص يقع في قبضة العدو، وتتطلب جمع ورعاية الأشخاص المصابين بجروح أثناء العمليات العدائية، بمن فيهم مقاتلي العدو الجرحى، وذلك دون أي تمييز. ويكون لنشوب النزاع المسلح عواقب كبيرة على الالتزامات القانونية للأطراف المشاركة في القتال، لاسيما بالنسبة لاستخدام القوة.
ويسمح القانون الدولي الإنساني في الواقع باستخدام القوة ضد أهداف مشروعة بدرجة أكبر بكثير مما هو مسموح به في حالات العنف الأخرى خلاف النزاع المسلح، وإن كان يفرض قيودًا صارمة على هذا الاستخدام بغرض حماية المدنيين. وتتضمن القواعد التي يتعين على أطراف النزاع المسلح احترامها أثناء سير العمليات العدائية حظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين، وحظر الهجمات العشوائية، والالتزام باحترام مبدأ التناسب في الهجوم، وواجب اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة في التخطيط للعمليات العسكرية وتنفيذها وذلك لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين قدر الإمكان. ماذا يحدث إذا لم تحترم أطراف نزاع مسلح غير دولي التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني؟
يجب على كل طرف في نزاع مسلح احترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه من قبل جميع من ينفذون تعليمات هذا الطرف أو يعملون تحت إشرافه أو سيطرته. وينبغي التأكيد على أن كل طرف يجب عليه احترام القانون الدولي الإنساني حتى وإن لم يحترمه الطرف المعادي؛ وبعبارة أخرى فإن الالتزام باحترام القانون الدولي الإنساني لا يعتمد على المعاملة بالمثل. أما ما يخص الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي تُرتكَب في نزاعات مسلحة غير دولية – والتي تعرف أيضًا بجرائم الحرب- فيجب على الدول مقاضاة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم تلك الانتهاكات جنائيًا. ويجوز أيضًا في ظل ظروف معينة إحالة مجرمي الحرب المزعومين إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويجب أن أشدد على أن اللجنة الدولية لا تتدخل ولا تشارك بأي شكل من الأشكال في التحقيقات والمحاكمات الخاصة بجرائم الحرب، وذلك تمشيًا مع وضعها الخاص بمقتضى القانون الدولي وبصفتها منظمة إنسانية محايدة ومستقلة، ولأن هذه المسؤولية تقع على عاتق الدول وحدها دون غيرها.