بقلم :: عبد الرزاق
عند وقع حادث سير في الطريق العام ،سوف ينصرف تفكير الشهود حسب منطق الإنسان أبن مهنته .
يراه الطبيب كعملية إسعاف للمصابين ،والشرطي كمحضر لجمع الاستدلالات ،والقاضي كملف قضية .
أما الصحفي فسيفكر في الحادث كمشروع قصة خبرية تجيب على كذا سؤال ملح .
الجمهور هو صاحب الأسئلة الحائرة ،حول من في الحادث ،وما نسبة الأضرار ،وكيف وقع ،ومن المتسبب ،وهل كان يمكن تفاديه .
ولهذا سيتوجه الصحفي إلى الطبيب ،والشرطي ،والقاضي ،والمصابين ،ليوفر أجوبة لجمهور يسيطر عليه فضول معرفي .
إذن الصحافة هي مجرد أجوبة عن أسئلة ملحة كما عرفها الصحفي الانجليزي “تيم سيباستيان” .
يعني هناك جمهور من حقه أن يعرف ،وبالمقابل هناك صحفي من حقه أن يعمل ،وهناك مصابين من حقهم أن لا تنتهك خصوصيتهم .
فالصحفي الذي ينبغي أن يكون حرا في النفاذ إلى المعلومات ،وحرا في إدارة هذه المعلومات ،لابد أن يكون بالضرورة مسؤولا على صدقيتها ،مسؤولا عن الالتزام بالسلوك الأخلاقي للمهنة .
لهذا فممارسة التقصي والتحقق من الصدقية ،وعدم انتهاك الخصوصية ،وتجنب الخلط ما بين الرواية والرؤية ،واستبعد الرأي المسبق والتفريق بين النتائج والاستنتاجات وبين ما هو إعلامي وما هو إعلاني ،وتطبيق امتحان الأذى كلها تأتي ضمن كراسة شروط مهنية لأي صحفي في ليبيا أو أمريكا أو جزر الفوكلند .
هذا هو أساس الصحافة . أما غير ذلك فهي أكسسواراتها .
قد تكون الصحافة قصة إخبارية ،قد تكون تحقيق صحفي ،قد تكون مقابلة صحفية ،قد يكون تحقيق استقصائي يسبر الأغوار .
بعد حادث السير سوف يظهر علينا من الجمهور من يتكلم عن الواقعة كملف قضائي ،أو طبي ،والكثير سوف يبالغ ويهول في سرد الحدث ،وهؤلاء جميعا مجرد هواة تفتح لهم السيوشيال ميديا أبوابها ،وشبابيكها .
وهذا يقود لحقيقة مهمة وهي أنه يمكن أن تكون لن وسائل صحافة أو وسائل إعلام ،ولكن هذا لا يعني أن لدينا صحافة وإعلام .
لا صحافة بدون صحفيين ،ولا صحفيين بدون معرفة وحرية ومسؤولية .
ـــــــــــــــــــــــــ
ملخص محاضرة ،ومقال في صحيفة الساعة