بقلم :: عمر الطاهر
هي المجالس تتوارث الشعب مجلس عن مجلس، من عهد مجلس قيادة الثورة وضباطه الوحدويون الوحيدون الأحرار، إلى المجلس الوطني الانتقالي وأعضائه الثوار، إلى طامة المجالس «المؤتمر الوطني العام»، إلى مجلس النواب وسد الأبواب، ومجلس الدولة الأعلى وسيده الأوحد الأقوى، ومجلس الوفاق الوطني وحكومة التوافق والنفاق بين أعضائه ونظرات التراشق، وفضلاً عن مجالس أنقذنا الله منها «المجلس العسكري الأعلى، ومجلس الأمة» والحمد لله.
والمشكلة لم تكن في المسميات بحد ذاتها، ولكن من يشغل تلك المسميات ومن يجلس فيها.
إن الذهنية السائدة لدى الساسة الليبيون على مر المجالس، هي ذهنية من لم يكونوا أبداً على المطلق من ذوي الخبرات والكفاءة في العمل الدبلوماسي أو التشريعي، ولم يأتوا من خلفية تسلسلية تدرجت في أعمالها لتصقل عبر السنين حنكة وخبرة.
دائماً حين يأتون إذ يأتون من خلفية قبلية أو جهوية أو أكثر تشدداً لها، دون اعتبار للمقومات الأساسية الخبرة والعامل الوطني الذي يتجلى في نشاطات الفرد في عمله بمختلف المؤسسات الرسمية للدولة أو المجتمعية.
وإذ كان الحال كذلك دوماً وعبر مسيرة الدولة المدنية القصيرة الفترة دائماً والمتقطعة في بلدنا ليبيا، فهذا هو المآل الذي صرنا إليه اليوم وسائرين في غيه إلى الغد المظلم المكفهر حاضره.
فالمصيبة قد قاربت أو كادت إن لم تكن قد لامست النخاع فتجاوزت الخبز والدواء وأضحت كرامة الإنسان هي العملة المتداولة بين تأمين ضروريات الحياة.
في المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية المختلفة إلى جرعات الدواء التي يفوق ثمنها قدرة المواطن على الاستلاف وحتى «الشحاتة» وقدرته على الوقوف في «الطوابير» الطويلة المذلة في ديمومتها وتنوعها من المجالات المختلفة المالية والسلعية.
كل هذا وأصحاب المجالس لا حديث لهم سوى الشرعية كمثل أصحاب المنابر كلما اعتلى منهم أحدٌ منبراً قال أنا الشريعة وكاد أن يقول إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري.
ونحن ليس لنا ما بين الشرعية والشريعة إلا الشوارع، تهدر كرامتنا ودمائنا فيها كل يوم، ويدفع الأبرياء الثمن من كرامتهم باسم الدين والوطن.
وضاع كلانا، نحن «الشعب والوطن».
فيا أصحاب المجالس الكئيبة، أضحت أيامنا كدراً، واشبعتمونا هراءً وكذباً، وكل ما أخشاه، ثورة أخرى، أو اتفاق آخر تأتي به وفود المصالحة الصادقة النوايا من كل الأطراف، ويكون الحل أيضاً، مجلس آخر، يجلس فيه ثانية، مختلس ومفلس، وإبليس آخر.
نشر ايضا في منشور نت