سالم البرغوثي
ذات مساء كنت جالسا أمام بيتي في أطراف مدينة طرابلس التي تعج بالكثير من الكلاب والقطط حيث تكاثرت وكثرت بعد حرب2019 نتيجة لتهجير السكان من تلك المناطق. في ذلك المساء شاهدت بعض الأطفال الشرسين يرجمون كلبا بالحجارة ويحاصرونه في زاوية جدار وهو يحاول الفكاك والهروب بمزيد من النباح .
وعندما اقترب أحد الأطفال محاولا الإمساك بذيله ظهرت شراسة الكلب للدفاع عن نفسه وكأن الأمر بلغ المنطقة المحظورة التي تستوجب الدفاع عنها بكل قوة. في تلك اللحظات تساءلت ما أهمية الذيل للكلاب والقطط والقرود والحمام والأسماك؟ وهل هو فعلا عضو مهم للحيوانات لحفظ التوازن ؟
لا أريد التوقف عند هذه المسألة فالمقال سياسي والكثير من المصطلحات السياسية تستخدم تلك العبارة في توصيف الخيانة والتبعية.
استوقفني الكاتب لاري بينرت في روايته البطل الأمريكي عام 1993 بقوله إن الرئيس جورج بوش شن حرب الخليج ضد العراق عام 1991 لإلهاء الأمريكيين عن الركود الاقتصادي وظل الكتاب مغمورا إلى أن ظهر فيلم (هز الكلب ) في إشارة إلى أن الذيل هو من يهز الكلب وليس الكلب من يفعل ذلك والمقصود هو افتعال مسألة أقل أهمية ينشغل بها الجميع للتغطية على شيء أكبر وتفترض النظرية أن القادة السياسيين يخترعون حروبا في الخارج لتحويل الأنظار عن مشكلة داخلية. كل هذا التحضير والمقدمة تندرج لدراسة مدى انعكاس هذه النظرية على الواقع الليبي بعد فبراير .
فالقادة السياسيون استخدموا هذه النظرية في الصراعات الداخلية. فكانت البداية بقانون العزل السياسي لتصفية الخصوم وإخلاء الساحة السياسية لتوجهاتهم ونظرياتهم وأطماعهم وعقيدتهم السياسية وتقليص دور الفاعلين السياسيين بالاتكاء على المجموعات المسلحة ودعمهم بالمال لتحقيق أهدافهم. غير أن السحر انقلب على الساحر بعد أحد عشر عاما من الثورة ليتحول الذيل إلى قوة تتحكم في سلطة القرار وتقف السلطة عاجزة عن السيطرة على الذيل . أحداث طرابلس الأخيرة في عين زارة أثبتت أن بعض الأسماء التي شاركت في قتل المدنيين هم عناصر تم ترقيتها بمراسيم وقرارات صادرة عن وزارة الداخلية وفي صباح اليوم التالي أصبحت تلك العناصر إجرامية ومطلوبة للعدالة.
المجتمع الدولي يعرف جيدا تلك الحقائق فقد اشتغل عليها في العراق وسوريا واليمن لكنه ولكي يحقق مصالحه في تلك البلدان يعتبر تفكيك تلك الجماعات المسلحة شأنا داخليا في ذات الوقت الذي طالب فيه البشير بتسليم نفسه للجنايات الدولية وهو من دافع لعدم تقسيم السودان.