المستشارة القانونية : فاطمة مفتاح عبدالنبي درباش
عيب عدم الاختصاص في إصدار القرار الإداري يعتبر من أهم العيوب الرئيسية التي تؤدي إلى إلغاء هذا القرار، كما أنه يعد العيب الوحيد والمتعلق بالنظام العام، وهذا القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره وليس صاحب الاختصاص الأصيل وفقا للقانون في إطار القانون العام والقانون الإداري على وجه الخصوص تتمتع الإدارة أو من في حكمها بأحقية تغيير الوضعيات والمراكز القانونية بإرادتها المنفردة، دون الحاجة إلى ضرورة موافقة بقية الأطراف، وهذه الصفة هي امتياز أساسي فرضه المشرع لضرورة استمرارية المرافق العامة، والسلطة تمارس تلك الصلاحيات عبر ما يسمى بالقرار الإداري، الذي يعبر عن إرادة الإدارة المنفردة ، وحتى لو اختلفت الجهات المصدرة للقرار .
وتعددت فإنها في نهاية الأمر تعبر عن إرادة الإدارة أو المشرع،ومن ثم يمكن تعريف الاختصاص بأنه يعبر عن السلطة المسندة أو التي يعهد بها إلى السلطة الإدارية بمقتضى القانون؛ حيث تستمد الجهة الإدارية اختصاصها بإصدار القرار الإداري من القانون الذي يحدد ذلك الاختصاص بالقرار وضوابط إصداره،إن الاختصاص السليم يفرض على السلطة العامة أن تتقيد في إصدارها للقرار الإداري بمجموعة من المبادئ الأساسية المتمثلة في موضوع الاختصاص، وكذا نطاق ممارسته، على أن يتم كل ذلك خلال أمد ممارسة الموظف لوظيفته بشكل قانوني. الاختصاص الموضوعي يعني اختصاص رجل الإدارة في الموضوعات المسندة إليه بمقتضى القانون، وبالتالي فإن اختصاص السلطة التنفيذية يكون في المجالات الإدارية فحسب ودون تدخل في مجالات اختصاص السلطتين التشريعية والقضائية، وعلى هذا الأساس يجب على رجل الإدارة أن يصدر القرار الإداري في موضوع يدخل في اختصاصه أساسا، وإلا كان تصرفه باطلا كأن تعتدي سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية أو اعتداء المرؤوس على اختصاص الرئيس أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاصات الهيئات اللامركزية.
فلو كان الرؤساء يمارسون سلطة رئاسية على المرؤوسين، فإن النصوص التشريعية والتنظيمية هي التي تحدد حدود اختصاصات كل من الطرفين، وبالتالي فالموظف المرؤوس هو ملزم بالانضباط في حدود المهام المكلف بها قانونا، ولا يخضع مثلا لرئيسه بصفة مطلقة، إذ داخل ممارسة الاختصاص نميز بالضرورة بين الطاعة التي قد تكون ضرورية في بعض الميادين العسكرية والأمنية مثلا، وبين الانضباط المفروض على الموظف المرؤوس في حدود النصوص الشرعية الجاري بها العمل.
وهناك اختصاص مكاني في نطاق عمل الإدارة يعني أن السلطات الإدارية تمارس اختصاصاتها في إطار إقليمي معين، وبالتالي يجب على كل سلطة إدارية أن تمارس اختصاصها وتصدر قراراتها الإدارية في حدود هذا النطاق الإقليمي المحدد لها ،كما أن الاختصاص للإدارة قد يكون زمنياً حيث أن الأصل أن صاحب الاختصاص يجب أن يمارس اختصاصه خلال المدة الزمنية التي يثبت له فيها هذا الاختصاص طبقا للقانون، إذ يجب على السلطات الإدارية مباشرة اختصاصاتها وإصدار قراراتها في الوقت المحدد لهذا الاختصاص ، بالتالي لا يمكنها اتخاذ قرارات مقبلة أو رجعية، حيث أن السلطة الإدارية لا تمارس اختصاصها إلا ابتداء من يوم تنصيبها، وتفقده في حالة عزلها أو إقالتها. ومن هنا تكون عيوب الاختصاص ذات شكلين ،إذا كانت النصوص القانونية تحدد الجهات المختصة بإصدار القرار الإداري ونطاق اختصاصها، فإن مخالفة الجهة الإدارية لقواعد الاختصاص يجعل قرارها باطلا لخرقه تلك القواعد، هذا الخرق بشأن الاختصاص قد يتخذ شكل عيب بسيط للاختصاص أو اغتصاب للسلطة”العيب الجسيم”وهنا يكون عيب اغتصاب الوظيفة هو من العيوب الجسيمة والقرارات المتخذة في هذه الحالة لا تتسم بعدم المشروعية فحسب، بل تكون باطلة وآثارها منعدمة،تخضع الإدارة للرقابة القضائية في سلطتها التقديرية ،وعيب عدم الاختصاص هذا هو من النظام العام أي يمكن إثارته في أية مرحلة من مراحل الدعوى، بل ويمكن إثارته من لدن القاضي تلقائيا ولو لم يثره الأطراف، كما لا يمكن الاتفاق على ما يخالفه.