(شعر/ عمر عبد الدائم)
كانت هُناك ..
خَلفَ ذلك النّهار
على بُعدِ شَطحةٍ مِن الخيال
على بُعدِ فرسخٍ مِن العذابِ ..
و الألم
رأيتُها هُناكَ ..
تُوقِدُ الشّموع
وكانت الريّاحُ حينها
تُدحرِجُ الغيمَ الكئيبَ في السّماء
و جذوةُ الظّلامِ تحتدِم
والشّمسُ عذراءٌ ..
و في كَبَدْ
تُحاوِلُ الإفلاتَ ــ دونما أمل ــ
من قبضةِ الغيوم
الشمسُ لا تُريد أن تموتَ في الضّحى
وأنتيجونة
أنتيجونة وحدها
تُرَتِّقُ القُلوب
و تُوقِدُ الشموع
و وحدها تُحارِبُ الظلام
**
رأيتُها في طِيبةَ
تدفُنُ “بولينيكس”
و في روما رأيتُها
تُصلَبُ ألفَ مرّةٍ
لأنّها تبوحُ بالحقيقة
وقطّعَتْ أطرافَها
سيوفُ الفاتحين في الصحراء
و في بُرجَي تِجارةِ نيويورك..
رأيتُها تُلوّحُ بِشالِها
عبرَ نوافذِ النيران
و في “أبي غُريب” كانت تستُرُ العُراة
و تُطعِمُ الجياع في أثيوبيا
واليومَ ..
من جديد
أراها في درنه
و بنغازي
و في بني وليد
أنتيجونة
أنتيجونة
مازالت الشموعُ في يديها تشتعل
مازالت الرياحُ في الأفُق
تُدحرِجُ الغيوم
مازالت الشمسُ تُحاول الإفلات
من براثِنِ الظلام
وكُلّما تلاقحت من حولها الهموم
تُصيحُ أنتيجونة :
سيرحلُ الظلام
سيختفي الغَمام
سيولَدُ الفجرُ
و تُشرِقُ الشموسُ مِن جديد
سيضحكُ الأطفالُ ذات عيد
ونحتفي بالحُبّ ..
والرّبيعِ ..
و القصيد
سيرجعُ الحمامُ في سمائنا
سيرجع الحَمام
(أنتيجونة .. بنت أوديب في الأسطورة اليونانية ، وهي عنوان مسرحيّة كتبها سوفوكليس في القرن الخامس قبل الميلاد .)