إعداد خديجة حسن
قال الرسول صلّ الله عليه وسلم ” إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها “، والشخص الكريم هو الذي يعطي ولا تنتهي عطاياه، بينما الشخص اللئيم هو مخالف نهائياً للكرم، حيث أن اللؤم من الصفات المنبوذة والمذمومة، فاللئيم لا يتردد في إلحاق الآذى بالآخرين وليس له عهد، وقال السموأل بن عاديا عن اللؤم ” إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه .. فكل رداءِ يرتديه جميل “. قد يخطأ الفرد كثيراً إذا ظن أنه لابد أن يتعامل بنفس المعاملة مع البشر بمختلف نوعياتهم وأن يتعامل معهم بالتعامل الإنساني الراقي، حيث أن هناك نوعيات من البشر يظنون أن التعامل برقي ضعفاً ويتوقعون أن هذا الاحترام أو التقدير والكرم خوف وتقليل من القيمة، فلا يستطيع الفرد أن يجعل الناس جميعهم في مرتبة واحدة، فكل إنسان لابد له من معاملة تتناسب مع طباعه، ولذلك فأن التعامل مع الناس فن صعب إتقانه ولكن لابد من محاولة فهمه دون الوقوع في الأخطاء، وأيضًا لابد من التفريق ما بين الكريم واللئيم في المعاملة فالكريم لابد من معاملته بنفس كرمه، أما اللئيم فلابد من الحذر منه لأنه يتلذذ بايذاء الآخرين.
ولذلك فأن الإنسان الحكيم هو الذي يعلم جيداً كيف يتعامل مع الناس جميعهم بقواعد مرنة ويخاطبهم على مقدار عقولهم، وعليه ألا يتوقع أن الناس جميعهم يتصفون بالكرم و الأمانة أو أن جميعهم يتصفون باللؤم والغش، فالناس على كل نوع، بعضهم يشكر ويحسن والبعض لا يحمد الله على شيء .
قصة ” إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا
“ يحكي في هذا المثل : أن رجلاً كان يريد الزواج من ابنة رجل تقي، ووافق الأب بالفعل وبارك الزواج مقابل أن يتم إعطاء ابنته مهر عبارة عن كيس من البصل، وكان الرجل في استغراب شديد، ولكن بعد مرور عام اشتاقت الفتاة لتعود إلى أهلها، وطلبت من زوجها أن تذهب إلى بيت أهلها وأن يرافقها لزيارتهم، وخاصة أنه أصبح لديها طفلا رضيعا تريد أن تريه لأسرتها.
وكان لابد أن تعبر الفتاة نهراً بين بيتهم وبيت أهلها، فحمل الرجل الطفل وترك الفتاة بمفردها ورائهما لكي تقطع النهر وحدها، فتعثرت قدم الفتاة وسقطت، وبدأت الفتاة في الاستنجاد بزوجها ورد عليها قائلاً ” أنقذي نفسك فما ثمنك إلا كيساً من البصل ”. ولكن الله سبحانه وتعالى لن يتركها بمفردها وأرسل إليها من أنقذها وجعلها تعود إلى منزل أهلها، وبدأت الفتاة في إخبار والدها ما حدث معها، وفي ذلك الوقت قال الأب إلى زوج ابنته ” خذ طفلك ولا تعود إلينا إلا ومعك كيساً من الذهب.
وبالفعل غادر الزوج منزل والد الفتاة ومعه طفله الصغير، ومرت الأيام وأصبح الطفل في حاجة إلى أمه، وكان الزوج كلما يحاول الزواج بثانية يكون الرفض هو الرد الوحيد لأن زوجته الأولى وأهلها ذو سمعة حسنة، والجميع يعلم أن سوء التفاهم الذي حدث ما بين الزوج والزوجة هو السبب فيه بلا أي شك. فقرر الزوج أن يجمع كيساً من الذهب بأي طريقة ليستطيع أن يرجع زوجته من أجله وأجل طفله، ومرت العديد من السنوات والزوج يعمل ليل ونهار حتى يستطيع أن يجمع الذهب، وبالفعل استطاع في نهاية الأمر أن يجمع كيس الذهب، وذهب إلى أهل زوجته وقدم الذهب لها ولأهلها، ووافق الأب أن تعود ابنته إلى بيت زوجها.
وفي طريق العودة إلى المنزل، عندما أرادت الفتاة أن تعبر النهر وبمجرد أن وضعت رجلها في الماء لتعبر النهر، قفز زوجها سريعا ليحملها على ظهره وقال لها : حبيتي انت غالية، ومهرك يقصم الظهر، فقد دفعت فيكِ ذهباً، وعندما سمع الأب ذلك ضحك بشدة وقال ” عندما عاملناه بأصلنا خان، وعندما عاملناه بأصله صان “،
ومن هنا جاء مثلا إذا أكرمت الكريم ملكتهُ وإذا أكرمت اللئيم زاد تمرداً .
اما القصة الثانية لهذا المثل بدأت عندما وجدت اعرابية ذئباً حديث الولادة تم إلقاؤه في الطريق، فظنت الاعرابية أن أمه تركته وسوف تعود إليه لكي تأخذه، ولكنها بعد أن عادت إلى نفس المكان وجدت الذئب الصغير يكاد يموت من الجوع، أسرع إليها الذئب الصغير عندما وجدها وتمسح بها، وقررت الاعرابية أن تأخذ الذئب وتربيه بلا خوف، لأنها كانت لا تعرف عن طباع الذئاب . وأحضرت الاعرابية أفضل شاة لديها وجعلتها ترضع الذئب الصغير، وبعد أن مرت شهور والشاة ترضع الذئب فوجأت الاعرابية ذات يوم بالذئب وهو يهجم على الشاه التي أرضعته ويقتلها ويأكلها . قال الأصعمي ” دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وجرو، فقلت لها ما هذا.
قالت : أنه جرو ذئب أدخلناه بيتنا وربيناه فلما كبر قتل شاتنا .
فردد المتنبي : بقرت شويهتي وفجعت قلبي .. وأنت لشاتنا ابن ربيب ..
غذيت بدرها وربيت فينا .. فمن أنبأك أن أباك ذيب .. إذا كان الطباع طباع سوء .. فلا أدب يفيد ولا حليب. ولذلك لابد من أخذ الحذر من مصاحبة اللئيم أو إكرامه، لأن هذا النوع من الأشخاص لا ينفع معه الكرم.