الشاذلي القرواشي
مذ حام حولي حنين الروح للحرم
أطبقت جفنا على جفن ولم أنم
أبيت أطوي دروبا لست أعرفها
بوثبة الروح لا من خطوة القدم
أرى الأجنة في الأرحام ساجدة
والخلق يسجد للرحمان في الرحم
أمَا وقفت كما الحيران منبهرا ؟
والكون بين يقين الصحو والحلم
والناس في فلك الأحلام قد رقدوا
واستيقظوا حين هم الموت بالنوم
فصرت أسأل هل في العين بارقة
علّي أرى ما وراء الليل والعتم
والله نور وليس اللفظ يدركه
يا نفس ذلي بباب الله وانهزمي
الله أوسع من كل العوالم مذ
ربت على تربة الأكوان في القدم
كل الذين أرادوا الوصف أرجعهم
ضيق الكلام عصيا غير منسجم
حتام أحنو على الٱمال في دعة
والروح تهفوا مع الأرواح في الحرم
فصرت أصدح بالأذكار مجتهدا
ماذا ستكتب في المختار يا قلمي؟
وكيف أنشد مدحا بات يرفعني
وكنت قبل حدوث المدح لم أقم
يا ربّ مَدْح نبي الله شرّفني
فاقبل رجائي إذا قصرت في كلمي
يا سيدي يا رسول الله يا أملي
كن لي شفيعا إذا ما الكون في الردم
وإن قصدتك بالأذكار ما وصبت
نفس من الحزن والٱلام والسأم
محمد خير ما في الأرض من بشر
” نبينا خير خلق الله كلهم “
فازت به كل ما في الأرض قاطبة
” فانسب إلى ذاته ما شئت من شيم “
هلّ النبي وكل الخلق في درك
لولا محمد ما فازوا بمغتنم
صعدت غار حراء والمكان بدا
في نقطة الكون بين السفح والقمم
حتى أتتك من الٱيات ما عجزت
عنه الأنام من الأعراب والعجم
ومذ هجرت ديارا كنت تألفها
حزنا عليك تداعى الجذع بالألم
وصرت تقفو جليل الوحي منطلقا
كالنور وسط دياجي الأرض والأجم
عتقت جمعا وكان الكفر سيفهم
وما أتيت ألى الدنيا بمنتقم
وقد سموت على الأحقاد أجمعها
علما بأن ليس من يعلو كمن يهم
ألفت بين قلوب كلها ضغنت
والقوم بينهم ثأر ونهر دم
قد هالني حجر في الصمت مرقده
ما إن رٱك مهيبا صاح دون فم
دَارَ الزَّمَانُ وَصَارَ الْخَلْقُ مُلْتَفِـتًا
صَوْبَ الزَّوَالِ بِلاَ خُلْقٍ وَلَا هِـمَمِ
مَا صَوَّرُوكَ وَلِكِنْ ذَاكَ مَا زَعَمُوا
لَمَّا طَغَوْا فِي ظَلاَمِ النَّفْسِ بِالظُّـلُمِ
فَقَدْ يَجِيءُ مَسَارُ الْخَطِّ مُنْحَرِفًـا
لَمَّا تُـصَابُ يَـدُ الرَّسَّامِ بِالْـوَرَمِ
طَاشَ السَّوَادُ وَبَانَ النُّورُ مُنْطَلِـقًا
يَا صُورَةَ النُّورِ فِي أفْقٍ مِنَ السَّحَمِ
إنِّي عَلِمْتُ لَدَى الْإِنْسَانِ مَنْزِلَةً
تَهَيَّـأتْ مُذْ كِسَاءِ اللَّحْمِ لِلْعَظَمِ
بَـــرَاءَةٌ مِــــنْ لَدُنِّ اللهِ يَـا عَـلَمًا
حَطَّتْ عَلَـيْهِ بُدُورِ الْعِلْمِ وَالْحِكَمِ
وَالْحَقُّ دَامَ مَدَى الْأَزْمَانِ مِنْ قِدَمٍ
وَالظُّلْمُ وَلَّى وَغَـيْرُ الْحَقِّ لَمْ يَدُمِ
وَالْآنَ تُهْـنَا وَذِي الْأحْقَادُ تَطْحَنُنَا
دِمَاؤُنَا الْيَوْمَ قَدْ سَالَتْ بِلاَ نَدَم
يَا رَبُّ فَرِّجْ كُرُوبَ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ
فِي ضَنْكِ مِحْـنَتِهِمْ يَا وَاسِعَ الْكَرَمِ
وَدُونَ خُـــلْقِ رَسُولِ اللهِ سَـيِّدِنَا
غدت نُفُوسٌ مع الْـجُلْمُودِ وَالْبُهُمِ
بَابُ النَّجَاةِ شَفِيعٌ طَابَ عُنْصُرُهُ
فَاغْنَمْ مِـنَ الْقُرْبِ مَا يُغْـنِي عَنِ النَّدَمَ
لَيْسَ النَّبِيُّ وَرَاءَ الْوَقْتِ مُنْـعَدِمًا
إِنَّ النَّبِـيَّ أمَـامَ الْـعَصْرِ وَالْـأُمَـمِ
مَازَالَ فِينَا رَسُولُ اللهِ يَدْفَـعُنَا
نَحْوَ الثَّبَاتِ عَلَى الْأخْـلاَقِ وَالْقِيَمِ
فَرُمْ حِـمَاهُ وَحَاذِرْ كُلَّ مَعْصِـيَةٍ
وَلُذْ قَـرِيرًا بِحَـبْلِ اللهِ وَاعْـتَصِمِ