- محمد منير
كما لو أن.
امرأة شمرت عن قلبها:
أمازلت تسكنني يا ليل ؟.
الليل وحده يكفي لتعيرني المرايا بياض وجهها وتحرسني من احتراق الخطو الفراشات..
الليل وحده سرير أحلام تقرأني شهوة هاربة من قضبان الجسد .
الليل وحده يرتل الصدر نشيدا أدمت أحرفه الأشعار.. خبأت نبض خطاه نوارس بحر
لا يجيد سوى مد الجرح .
الليل صهوة الحالمين بومض الحياة، المنتشين بصمت الشوارع وأزقة المدن الساهرة
على وقع صراخ أطفالها ونحيب نسائها واختباء أشباه رجالها بين فواصلها المستباحة.
الليل رؤاي ..
عطشي للبياض ..
الليل أناي ..
متكئ على صخرة الوقت.
الليل وحده يكفي كي أعلب الأحلام في صرة الوقت، كي امتشق المدن الحالمة بفواصلي بين كفي واسترجع كل خطاي صوب بحر العمر.
الليل وحده يغازل ما بقي لي من عبق الصوت واشتباك الأحرف.. كم موجة تكفي لتشبع حبيبات رملي.. كم غيمة ستروي الصدر.. تغسل ما بي من سواد..
الليل وحده يخبرني ..
يا امرأة بدلت أحلامها وانزوت تغني للكوابيس ..
يا امرأة كشرت في وجهها الأقمار واحترقت بين كفيها الأشعار..
يا امرأة لم تعد لدمائي لها انتماء..
ارحلي عن ليلي لا نشيد ترتله الفراشات في اختلاجات القمر ..
ارحلي ، دعي أحلامي .. دعي خطاي ترتب شوارعها في غناء، وترسمني للأتي نورسا يلم بياض الليل..
ها الليل سفينة ارتحال من غصة بلاد شوارعها من غبار ..عيناها امتداد للتيه ، سراب حارق الخطى ، قيامة الوقت .
متعب نورس الحلم
هل من شط،
كي يغتسل من ألمه
الآن ؟.
الليل مدينة من دخان .. اتساع لا مرئي، فراغ كحلي، جنيات يسبحن في بياض الكف، ظلال أطفالي المتلاشية على أرصفة الموانئ.. وعبرها الأودية .. مجرى الماء من عين الماء .. اغتسال العذارى بماء الوجد .. سلالم مهيأة لعناق نجمات العشق وارتقاء البوح ومض الحكي …. فـ :
لا تبك صمتك لليل ..
واحذر أن تسرقك
من حضن الحلم الأقمار
فلا متسع لك في الوقت
إلا للحلم.
كم يكفي خطوي من عبور
كي يستوي في دمي ماء القلب ..
بياض عينيها صغيرتي الراقصة في قصائدي ؟.
كم يكفي لي من موجة تكسر صمت صخرتي الحالمة ؟
كم يكفي أحبتي المدججين بزبد الوقت رقصا
وكأسا لا يرويها عطش الحبو
صوب مآذن شاهقات في الصدر؟.
الليل وحده نشيدي
و
رغيف وجعي..
و
سلالات كبدي المحروقة على إفطار ..
الليل سلام يأتيني على مهب السحاب رسائل للبحر
وأنا كائن يعرفني السنونو و ناطحات المدن الورقية .. يقرأني في اتساع العبارات ضيق الجمل ..
يأخذني عاريا لأعين خليلاتي الريح ويكتبني قصيدا وامضا للفؤاد.
خبرني السنونو
أني سليل مدن أنجبها الطين
ربت شوارعها جواري من ماء
وغبار..
و دوار
واحتراق.
أني نشيد الحوامل
سويعة يرقص في أحشائهن
المخاض.
أني ابن امرأة تكحلت بالأغاني
سكنت بياض الحلم بعد المشيب.
أني والليل سفر موحد ..
أناشيد عشق ترممها الصبايا بالحناء والزعفران
وتقرؤني مطلع فجرها النوارس ..
خبرني السنونو
أن الليل وحده لم يعد يكفي
لمّ أحرف القلب
اتساع الحلم
وصمت الخطو.