د : سعد الاريل
التفكير في حركة الاقتصاد العالمي و ما يتراءى في حركة التاريخ الاقتصادي هو سيطرة سوق المال على مجريات الاقتصاد و ما يواجه المسيرة الاقتصادية من مسارات قد تذهب بكثير من اقتصاديات أي بلاد فالحصارات الاقتصادية أسلوب جديد و خاصة الاقتصاد المالي فعصرنا اليوم يعتمد في الأساس على النقود أي عصرنا اليوم هو عصر النقود و ليس السلع فأمريكا اليوم بواسطة الورقة الخضراء تمارس سيطرتها على سوق الأوراق المالية العالمية و أمريكا اليوم تبيع للدول مجرد ورقة رسم عليها أباطرة الولايات المتحدة هذه الورقة اليوم ليست مخزونا للقيمة بل و وسيلة تبادل بين الشعوب .. أي بمعنى means of exchange و هذه الورقة لم تعد مخزونا للقيمة .. فالولايات المتحدة أكبر دولة في العالم تعاني العجز في الحساب الجاري .. و العالم اليوم يشتري هذه العملة وهي في تدنٍ مستمر فاندثار الدولار قادم بأي حال و خاصة في نشوب حرب عالمية أو صراع عسكري أمريكي مع أي دولة أخرى كما حدث في حرب ( فيتنام ) حيث خسر الدولار الأمريكي مما دفع بالرئيس الأمريكي ( نيكسون ) إلى فك الارتباط مع قاعدة الذهب عام 1972 مما أدى إلى اندثار العملة الأمريكية في سوق الأوراق المالية فالدولار الأمريكي اليوم مبني على أساس هش وهو وهم عظمة الاقتصاد الأمريكي الذي بدأ يتآكل مع خروج الاقتصاد الصيني في السوق المالي ..اليوم 90% من الرأسمال الحر رفع نبرة الحصار على ( الروبل ) الروسي بسبب حرب نسبية بين ( روسيا ) و ( وأكرانيا ) .. فهذه الحرب هي نسبية و لم تطل العالم كله .. فكثير من الشعوب لا تؤيد حرب أمريكا على روسيا و خاصة اليوم البرازيل وفنزويلا و الصين و كوريا الشمالية وحتى كوبا.. و رغم هذا الحصار المتواصل من قبل الاتحاد الأوروبي و دول الحلف مثل اليابان و كندا إلا أن الحصار لم ينجح بل ارتفع قيمة ( الروبل ) في مقابل الدولار من 159 روبية إلى 52.3 اليوم ..بزيادة 1.3% منذ مايو2015 .. بزوغ الروبل مالذي كان وراءه ؟ حيث أن ( الكرملين ) أعلن أن في المنتدى الاقتصادي العالمي في ( بطرسبرج ) .. فشل سياسات الحصار .. فالروس من ضمن السياسات المالية عندما أعلن الروس مضاعفة معدل الفائدة في ( فبراير ) قفز إلى 20% من 9.5% ومن ذلك التاريخ تحسن الروبل وإن انخفض معدل الفائدة ثلاثة أضعاف ليصل إلى 11% في أواخر ( مايو ) .. فالروبل بالفعل ازداد قوة .. و قد أخذ الروس في الاعتبار الخوف من ضعف صادراتها ووراء الاهتمام في الأهمية هو ارتفاع أسعار الوقود إلى أرقام غير مسبوقة و خاصة ( برنت ) فالدول الأوروبيّة لا تزال تعتمد على النفط و مشتقات النفط و ليس من الممكن لدول الاتحاد الأوروبي التخلي عن النفط الروسي فهي تحتاج إلى أوقات أطول و ارتفاع و خاصة أن أسعار ( برنت ) ارتفعت أكثر من معدلات العام الماضي . وأنه من خلال 100 يوم من نشوب الحرب الأوكرانية سجل الاتحاد الروسي 98 بليون دولار من تصدير النفط الأحفوري و هذه الدخول كلها جاءت من أوروبا حوالي 60 بليون دولار فالكتلة الأوروبية تعتمد على 41% من واردات الغاز الروسي و 36 % من واردات النفط الروسي وحتى المجر و سلوفينيا لا يمكنهما الحصول على البديل الروسي لموقعهما الجغرافي ومن المتوقع أن سعر النفط سوف يرتفع إلى أكثر من 100دولار للبرميل مما يدفع ميزان المدفوعات إلى الارتفاع إلى أكثر من 110 بليون دولار أكثر من 3.5 ضعف السنة السابقة و هناك سياسات إجرائية اتخذتها روسيا للحد من شراء السلع الواردة من الخارج و النتيجة تدفقات الصادرات و التقليل من تدفقات الرأسمالية خارج البلاد ..مما يعمل على تقوية العملة الروسية و اليوم روسيا قطعت العلاقة مع ( سويفت swift ) نظام الصيرفة العالمية مما دعم عملتها في الداخل و في الواقع أن النفط و الغار لا يمثلان إلا 18% من الناتج المحلى الإجمالي العام … فالناتج المحلي الإجمالي يعتمد على ثلاثة عوامل وهي الزراعة و الصناعة التي تمثل 67% من الناتج الروسي.