محمود السوكني
كل الدلائل تشير إلى أن مايحدث على أرض غزة بعيد السابع من أكتوبر الماضي ليس حرباً بالمعنى المتعارف عليه ، فالحرب لها شروطها لعل أولها أن تكون بين خصمين عسكريين لا أن تكون بين جيش مدجج بأحدث الأسلحة الفتاكة مدعوماً بأقوى جيوش الأرض ضد شعب أعزل لا يجد قوت يومه فما بالك بسلاح يواجه به عدوه ؛ هي مجزرة إذن هدفها إبادة شعب حتى تتحقق مقولة (حق شعب الله المختار في أرض الميعاد من النيل إلى الفرات) ويُنفد مخططها التوسعي وهو ماصرحت به بكل صفاقة السفيرة الأمريكية لدى الشقيقة مصر “آن باترسون” ونقلته عنها وكالة زاد الأردن الإخبارية ، والذي أضافت فيه بوقاحة مفرطة (إن المصريين لن يمانعوا في عودة اليهود إلى مصر وإسترداد املاكهم التي أممها عبدالناصر بل سيتوسلون عودتهم حتى ينتشلونهم من الفقر والمجاعة) !! هذه واحدة ..
وقد تكون توطئة لازمة لما يُدعى ب(تحالف ميسا) الأمني والإقتصادي الذي اشيع انه يجمع بين دول الخليج ومصر والأردن صحبة دولة العصابات الصهيونية وداعمتها أمريكا وهو إذا ما صدقت الرواية وثبت قيامه بالفعل فأنه بداية لإنهيار أمة العرب التي لن تقوم لها قائمة بعد ذلك ولن تكون لهم قضية يلتقون من اجلها ولا كرامة يدافعون عنها ولا رؤوس يرفعونها أمام التاريخ ولا أمام الأجيال المتعاقبة .
سواء أكان هذا أو كان ذاك ، فالأمر سيّان وكلاهما يصب وبالاً على حاضر العرب ومستقبلهم.
لقد كنت أحسبه الجبن الذي منعنا من نجدة إخواننا في فلسطين ، كنت أظنه الخوف من خوض غمار معركة نهابها ، لكنها للأسف ليست كذلك ، فكل الشواهد تشير إلى غير ذلك وأتمنى أن أكون مخطئاً ؛ ليس جبناً يعترينا ولا خوفاً يسري في كيان من رزئنا بهم على رؤسنا بل هي الخيانة و العمالة ولا أجد وصفاً يليق بما آل إليه حالنا أصدق من ذلك . “تعالوا نتحاكم قدام الصحراء العربية” يقول مظفر النواب ، إخوة أشقاء مجردين من السلاح يفترسهم كل يوم عدو لنا أمام ناظرينا والكل يندد ويستنكر ويستهجن وأنت الأخ والسند الذي ترتبط معه بمواثيق ومعاهدات وعلاقات ربانية ستحاسب عليها يوماً ولا تفعل أزاء ذلك شيئاً، بل أنت لا تفعل -في أفضل حالاتك- أكثر من الشكوى المستكينة في خنوع المذل الذي لا حول له ولا قوة !
فماذا يعني هذا ؟ وماذا نسميه ؟!