محمود السوكني
الشباب إينما كانوا هم رجاء الوطن وعنوان مستقبله ، على كاهله يحط الوطن أماله ، وعلى عاتقه تبنى صروح المجد .
والشباب رهين بعلومه ومعارفه ، فإن كان واسع الثقافة غزير المعرفة إستبشر الوطن خيراً وتوقع مستقبلاً واعداً وغداً موعوداً بالمنجزات وهو ما لا يتأتى إلا بمصادر المعرفة ومنافذ العلم التي تتيحها المؤسسات التعليمية المميزة بمناهجها الحديثة وعلومها المتطورة وأساتذتها النجب ؛ لِذا ، تجد أنظار العالم تتجه في كل مرة إلى ما يصدر عن المنظمات الدولية المتخصصة والمراكز البحثية المعروفة بحياديتها والتي تنشر بين الفينة والأخرى تقييماً دقيقاً يصنف المؤسسات التعليمية من جامعات وكليات ومعاهد متخصصة في العالم ويحدد مراكزها من متقدمة إلى متأخرة وفق معايير متفق عليها كعدد الشهائد العلمية التي تصدرها والمناهج التي تدرسها ونوعية الطلبة التي تضمها وايضاً مدى شهرة وذيوع صيت هيئات تدريسها وبالطبع علاقة منتسبيها بالجوائز العلمية العالمية كجائزة نوبل على سبيل المثال وغير ذلك من الشروط والضوابط المحكمة .
مناسبة هذا الحديث مايدور هذه الأيام من مواجهات محتدة بين الطلبة الصفوة في المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية ورجال الشرطة فيها الذين أُمِروا أن يقتحموا مخيمات الاعتصام التي اقامها الطلبة إحتجاجاً على عجرفة العدو الصهيوني ومحاولته البائسة على إبادة الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه بعد أن سرقوا خيراته . المدهش أن طلبة هذه المؤسسات التعليمية ليسوا كغيرهم من الطلبة ، ولا يمكن مقارنتهم ببقية الطلبة في العالم؛ هذه حقيقة لا يختلف عليها إثنان ، فالجامعات التي اعنيها هي أفضل جامعات العالم وأسمائها تتنافس دائماً على المراكز الأولى ، والإنتساب إليها والتخرّج منها فخر وجواز مرور إلى المقدمة في كل شيء.
المؤلم في الأمر بالنسبة للإدارة الأمريكية وتوابعها وعلى الأخص طفلهم المدلل في تل أبيب أن هؤلاء الطلبة الصفوة إنحازوا إلى الحق وصرخوا بأعلى أصواتهم منددين بما يحدث في غزة من سفك للدماء وتجويع للأطفال والنساء وتدمير لكل بناء . أنهم الصفوة وتلك أخلاقهم حتى وإن إختلفت معتقداتهم ، وما يفعلونه رد فعل طبيعي لما يشعرون به واستجابة لما إكتسبوه من ثقافة تفرض عليهم الإنحياز إلى جانب الحق والإستماتة في الدفاع عن القيم الإنسانية النبيلة و..هذا هو الفارق بين جامعات وأخرى .