صدر حديثا جدا عن مؤسسة الكرمة للتنمية الثقافية والاجتماعية وشعلة الإبداع للطباعة والنشر وتحت إشراف الشاعر الإعلامي أشرف عزمي كتاب مقاربة نقدية لأبرز النقاد المعاصرين الأستاذ الدكتور أحمد فرحات أستاذ الأدب والنقد بكلية الفارابي بجدة بالمملكة العربية السعودية عن قصيدة أنا لا تشابهني امرأة للشاعرة والرائية شريفة السيد والذي جاء في مقدمته تحت عنوان شريفة السيد في طور تكوين الأنوثة التي كتبها رئيس مجلس أمناء مؤسسة الكرمة الشاعر محمود حسن عبدالتواب عن مجلس الأمناء حيث يستشهد الشاعر في مقدمته بجزء من نص الشاعرة أنا لا تشابهني امرأة تقول فيه (كالعمرِ أمضي في حياتكَ لا رجوعْ وأُمرُّ كالضوءِ المراوغِ في المدَى حين الخشوعْ أنا لحظةٌ أنا فرصةٌ عندَ انتهاءِ بريقِها لا تنفعنَّ إذنْ دموعْ أنا ما بدأتُ لأنتهي أنا لمْ أزلْ في طـَوْرِ تكوينِ الأنوثةِ بينَ جدرانِ الرَّحِمْ أنا لمْ تلدْني بعدُ أمْ مخبوءةٌ بينَ العطورِ المُثقلاتِ بنشوةِ الوجدِ العَفيّْ.. بينَ التشظِّي عندَ مُفترقْ الجنونِ وعندَ وشوشةِ البَخورِ لمَنْ تمخَّضَ حُلمُها وعدًا حَيـِيّْ خمريةُ النَّبضاتِ تابتْ جبهتي مِنْ قبلِ قبل التنشئةْ أنا لا تُشابهُني امرأةْ ثم يسترسل فيقول هكذا تقف الشاعرة شريفة السيد على قدمين ثابتتين لا تشابهها امرأة رغم أنها لم تزل في طور تكوين الأنوثة وهكذا يفعل الشعر بأهله الشعر الذي يصنع ممالك ضد الغزو فلا يجرؤ أحد على الاقتراب منها مغترفا من بحرها أو مرتشفا من ديمها على حد تعبير الإمام البوصيري صويحبات الشعر خلقن من عجينة نورانية متفردة وكان مثّالها ورسامها بارعا فالقصيدة تنظر إليك عيونها مهما كانت الزاوية التي تقف أنت فيها تماما كما تقف أمام الموناليزا للعظيم ليوناردو دافنشي وشريفة السيد أبدعت في أنا لا تشابهني امرأة بفكر دافنشي في الموناليزا فأنت تطوف حولها من أي اتجاه فتنظر إليك وهذا هو الفعل الإنساني المؤثر والمتفاعل وليت القصائد كلها تنظر إلينا وننظر إليها غير منبتة من دمنا وعروقنا وهمنا الإنساني وانكساراتنا وطموحاتنا وسفرنا نحو البعيد البعيد والبعيد القريب نحتاج إلى شاعرة لا تشابهها شاعرة تخبز لقيمات من لغة الضوء لتنير بها ذائقتنا ولعل شريفة السيد والكلام لا يزال على لسان شاعرنا الرقيق إحدى أبرز من يجدن صنع هذه اللقيمات من قمح القصيدة المخبوء في أرض يحصده المبدعون سبعة أشواط دأبا في سنبلة لسبع سنين عجاف إلى هنا ينتهي التقديم للكتاب أما المقاربة النقدية فقد جاء فيها : تفاجئنا الشاعرة بقصيدة جريئة وعنوان أكثر جرأة لتجعل من كل عين كل أنثى ألف عين وعين، لتتأمل نبضها الصارخ، وتستكشف حسها القوي بذاتها، وتتحسس بوعي أو بدون وعي بواعث الصوت المجلجل في ترانيم والهة عاشقة، ثم تنظر كل أنثى إلى نفسها لتعيد اكتشاف ذاتها من جديد. إنه صوت خارج من أعماق النفس الإنسانية مطلقا قذائفه المدوية في وجه الزمن، ذلك الذي لا يلين لأحد، مهما بلغت سطوتها وجبروتها، إن الزمن وحده لقادر على تشظي الإنسان وتناثره «ثلاث كلمات تشكل بنية العتبة النصية، أنا .. لا تشابهني.. امرأة» فالأنا فضلة، يمكن الاستغناء عنها في العنوان، يؤدي باقي الجملة المعنى دون نقصان؛ لأن لغة الشعر تعتمد التكثيف والتركيز وبتر الزائد من الكلام، والشاعرة تعي ذلك بوضوح، ومع ذلك فإن وجودها بادية في صدر الجملة يشي بالكثير من الدلالات النابضة والمعبرة، فقد تكررت ظاهرة الأنا أكثر من عشرين مرة، ومثلها مضمرة، ومثلهما في تاء الفاعل وياء المتكلم، هذا الحشد والزخم للضمير بمشتقاته المختلفة إيذانا بإعلان الاعتداد بالذات وتضخمها بشكل لافت ومثير إلى هنا ينتهي الاقتباس الموجز جدا من المقاربة النقدية الواردة في الكتاب والذي أتمنى من القارىء المتخصص أو المتذوق المتمعن أن يقتنيه ويطلع عما ورد فيه من إبداع.