طرابلس :: ليلى المغربي
أقامت الجمعية الليبية لسجناء الرأي حفل تأبين الأخوين شركاء القلم والقيد والوطن، الكاتب الصادق برباش والكاتب والصحفي إدريس المسماري، عصر يوم السبت الحادي عشر من فبراير للعام 2017 إخلاصاً ووفاءً لرفاق المعاناة والظلم.
حضر حفل التأبين عدد كبير ومتنوع من رفاق الراحلين السجناء، أدار الجلسة الأستاذ أبو بكر الغرياني وبدأ الحفل بكلمة من الأستاذ صالح الدعيكي قال فيها” أعود بالذاكرة للوراء لبرتابينيتو، للحصان الأسود، وتحديدا للقسم الثانى. يعج المكان بالحركة .جيئة ودهابا. ..فى الممر تفتح ثمان حجرات أبوابها لتفرغ المتعطشين للحرية والشمس..يخرج فتى نحيف يتكئ على عزمه بعد أن جرده العسكر من عكازه، يحمل إناء به بدلة عسكرية ومنشفة، إنه الأن فى أول الممر ..توقفه جملة أطلقها أحد السجناء (واعى بدرى يا إدريس )ــ بدرى صح ..لكن ما زلت ماوعيت يجيبه إدريس مشعلا سيجارته ومتطلعا إلى رشفة من الشاى لاحت له عند عبد العزيز..يطلق الخطى نحوها، لا تعد رشفة شاى فحسب بل وشوشة وضحكة تستثير حفيظة الشرع ..يلجمها. .ترتفع الضحكات ..لا يلجمها. .متقدما نحوهما (صبح يا فتاح شن ايضحك فيكم )..كنك يا شرع مش شورك ..لا يقتنع.بل لا يريد أن يقتنع ليستمر الجدل وليستمر وقوفه معهم، (خليهم يضحكو يا شرع فما أجمل أن نبدأ يومنا بالضحك فيه حد ضامن شن يصير بعدها )يقول عمر المختار، رطوبة هذا المكان فراشى، قلب أمى دثاري وصلوات أبى صرير المفاتيح ميقاتنا وكم عام تلكىء فى المجىء ونحن الإنتظار، أما لغيم ماطرا أو قافلة .. بعد أكثر من ربع قرن إدريس المسمارى وسط المتظاهرين ..إنها فبراير ..رمى بعكازه بعيدا واستبدله بهتاف المتظاهرين الذين حملوه على اكتافهم نوضى نوضى يا بنغازى جاك اليوم وفيه تراجى .والشعب يريد اسقاط النظام …هو ايضا يريد إسقاط النظام ويدرك مدى خطورة ان ينفرد النظام بك ويدرك كمثقف وصحفى وسجين رأى اهمية ان يسمع العالم صوتك فيتجه تلهبه هتافات المتظاهرين الى القنوات الفضائيه ويعلن للعالم عن انتفاضة بنغازى عبر اول مداخلة من عين المكان دون ان يقكر فى المخاطر او العائلة وكأنه ارادها خاتمة لمرحلة النضال التى عاشها داخل السجن وخارجه ولا يهم أن يدفع ثمنها … ترصده النظام عبر هاتفه..حدد مكانه..وانقض عليه زبانية القدافى. .الثورة عنده لا تخضع للحسابات..ما زال جسده قادرا على ما تعود عليه فى الحصان الأسود وفى ابى سليم ..كان مستعدا ان يدفع جسده وجسده فقط ..وان لا يورث لاصدقائه وعائلته الا ما يفتخرون به ..لا شى غير ذلك … جاءت مداخلة الأديب والناقد ورفيق السجن منصور بوشناف قصيرة إذ تحدث فيها عن معاناة السجن وقمع الرأي، واستذكر بعض المواقف من رفاق السجن وما تعلمه منهم وما استطاع أن يتركه من تأثيرعليهم، متمنياً أن يرى الصورة التي تعايش فيها السجناء بإختلاف أرائهم نراها اليوم بيننا ونوقف شلال الدم المنسكب، وختمها بتأكيده إعلان تضامنه مع جميع سجناء الرأي اليوم في ليبيا… ثم عدة مداخلات قصيرة من زملاء السجن منهم الشاعر علي الرحيبي و دكتور علي بالخير والسيد المختار الأدهم والسيد محمد الحاجي تحدثوا في كلماتهم القصيرة عن بعض ذكريات السجن مع الفقيدين وعما نحتاجه اليوم من توافق لنتعايش بإختلاف أطيافنا ورؤانا، كان من بين الحضور الشيخ صالح القصبى قضى 30 سنة في السجن وصاحب كتاب (كأنك معى ) لإبنته التى تركها وعمرها أربعين يوماً ليخرج وقد وجد أحفاداَ له منها و اختتم الحفل بكلمة الجمعية الليبية لسجناء الرأي ألقاها رئيس مجلس إدارتها أبوبكر الشريف قال فيها” إن الجمعية وهي تؤبن الفقيدين ــ برباش والمسماري ــ تستحضر ما فعله النظام السابق من اضطهاد وسجن وتشريد، لقد اضطهد الجميع ــ الاسلاميين والعلمانيين والعروبيين والأمازيغ واليساريين والملكيين، إن الفقيدين جمعهما سجن واحد وقيد مشترك وقد كانا زملاء القلم ورفاق النضال من أجل وطن تعمه الحرية وترفرف عليه الطمأنينة” وأكد في ختام كلمته على ضرورة استمرار محاربة ظاهرة السجن السياسي، والعمل من أجل دولة القانون والمؤسسات.