سؤال يدور في أذهان كثير من الناس، وهو: أيهما يغلب المؤمن في حياته الخوف أم الرجاء؟
والجواب على ذلك: أن أهل العلم اختلفوا في ذلك:
* فقال الإمام أحمد: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا، فلا يغلب الخوف، ولا يغلب الرجاء. قال رحمه الله: لأنه إن غلب الرجاء وقع الإنسان في الأمن من مكر الله، وإن غلب الخوف وقع في القنوط من رحمة الله.
* وقال بعض العلماء: ينبغي تغليب الرجاء عند فعل الطاعة، وتغليب الخوف عن إرادة المعصية، لأن إذا فعل الطاعة فقد أتى بموجب حسن الظن، فينبغي أن يغلَّب الرجاء وهو القبول، وإذا هم بالمعصية أن يغلَّّب الخوف لئلا يقع في المعصية.
* وقال آخرون: ينبغي للصحيح أن يغلَّب جانب الخوف، وللمريض أن يغلَّب جانب الرجاء؛ لأن الصحيح إذا غلَّب جانب الخوف يتجنب المعصية، والمريض إذا غلَّب جانب الرجاء لقي الله تعالى وهو يحسن الظن به، قال ابن قدامة: «والأفضل للإنسان عند الموت أن يغلب الرجاء؛ لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويجبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محبًا لله تعالى محبًا للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص لعلي ألقي الله تعالى وأنا أحسن الظن به» .
وايضا في هذه المسألة أن هذا يختلف باختلاف الأحوال، وأنه إذا خاف إذا غلَّب جانب الخوف أن يقنط من رحمة الله -وجب عليه أن يرد ويقابل ذلك بجانب الرجاء، وإذا خاف إذا غلَّب جانب الرجاء أن يأمن مكر الله فلْيردَّ وليغلِّب جانب الخوف، والإنسان في الحقيقة طبيب نفسه، إذا كان قلبه حيًا، أما صاحب القلب الميت الذي لا يعالج قلبه ولا ينظر أحوال قلبه فهذا لا يهمه الأمر».