بقلم :: محمد عمر بعيو
تــأكــيــداً وإثــبــاتــاً لما قُلته الليلة البارحة في برنامج ســجــال، عن مسؤولية الكثيرين ممن يُسمون تجار ورجال أعمال عن استنزاف احتياطيات العملات الصعبة، من خلال الاعتمادات المستندية والتهريب وتبييض وغسيل الأموال، وبعضهم للأسف من النواب والسياسيين وشخوص السلطة، يستخدمون منظومات علاقاتاهم الخاصة والعامة في الإثراء غير المشروع، ويمولون أدوات الإعلام والتواصل الفاسدة التي تنشر الشائعات وتثير الفتن، ويدمرون العملة الوطنية ويستنزفون االاحتياطي الوطني من الذهب، وينشرون الفقر والفاقة في المجتمع الليبي البائس، ويتواطأون مع منظومة المفسدين في بعض المصارف التجارية العامة والخاصة.
نشرت السلطات التونسية قائمةً تتضمن أسماء أكثر من سبعين مواطن ليبي، ممن يمتلكون حسابات مصرفية في تونس، ويعملون كتجار وأصحاب شركات أو واجهات لآخرين، تكدست الأموال في حساباتهم، دون وجود ما يثبت قيامهم بأعمال تجارية مع لـــيـبـيـــا، طالبةً التحفظ عليهم عند وجودهم أو دخولهم الأراضي التونسية، حيث سيتم التحقيق معهم ومعاقبتهم وفق القانون ومصادرة الأموال والأصول المملوكة لهم أو المسجلة بأسمائهم والتي يتعذر عليهم إثبات علاقتها بأنشطتهم التجارية التي يمارسونها من خلال شركاتهم المؤسسة في تونس أو التي لها فروع ومكاتب فيها.
لقد دأب معظم التجار خاصة الكبار منهم مالاً ونفوذاً، الصغار نفوساً ووطنية، والصارخون علناً عبر التلفزيونات وسراً خلف الكيبوردات، على إنشاء شركات خاصة بهم في مناطق متعددة منها دبي وليخشنشتاين وموناكو وأسبانيا وتونس وغيرها من الملاذات الآمنة للتهريب وغسيل الأموال، يفتحون بإسمها وبفواتير صادرة عنها الاعتمادات المستندية، فيشحنون جزءً من السلع الواردة بالفواتير لا يزيد في أحسن الأحوال عن نصف قيمة الفاتورة، ويتركون الباقي على شكل أموال سائلة في حسابات الشركات، فيكونون هم البائع والمشتري وتلك جريمة تدليس وتزوير واعتداء صارخ على الوطن وأهله واقتصاده، ثم يضاربون بالأموال في السوق السوداء، حتى إذا شعروا بقوتهم وسطوتهم تحولوا إلى المطالبة بتحرير سعر الصرف، وبيعهم ما يطلبونه من عملات صعبة مقابل مليارات الدنانير التي سحبوها من المصارف، وحرموا المواطنين من تداولها وكدسوها في مخابئهم.
هذه إحدى أخطر الجرائم الإقتصادية التي ترتكب منذ سنوات بحق الوطن، والتي كانت وستبقى من أسباب هذا الوضع المأساوي الكارثي الذي يعانيه المواطن الليبي والذي يتم خداعه وتوجيه أنظاره وغضبه في اتجاهات أخرى، كي لا يلتفت إلى المضاربين المهربين المجرمين الحقيقيين، الذين يظهرون في أحسن مظهر، ويمارس أقذر وأحط الأفعال، تدمير الوطن، وتحطيم الإقتصاد، وتجويع الشعب، وتخريب البلاد.
وهنا أناشد النيابة العامة أن تتحرى ما ورد بهذا المنشور وتحقق فيه، وأن تقوم بتحريك الدعوى الجنائية بحق كل من يثبت قيامه بجرائم تهريب الأموال وما في حكمها ويتبعها من جنايات وجُنح، وأناشد مصرف ليبيا المركزي أن يتواصل مع المصرف المركزي التونسي للتحقق والتحقيق وإحالة من تجب إحالتهم إلى النيابة وإعداد قائمة سوداء بالتجار الفاسدين واتخاذ ذات الخطوات في بلدان أخرى وفقاً للإتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية الخاصة بمكافحة التهريب وغسيل الأموال والجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب.
أيها الكرام / هذا المنشور ليس دفاعاً عن أحد، ولا محاولة لصرف الأنظار عن حقائق وملابسات المأساة المعيشية والاقتصادية التي يعانيها الليبيون، بل هو توضيح صريح في وضح النهار، لإحدى صور الإجرام والفجور، يجب أن يعلمها الرأي العام الليبي، الذي من حقه أن يعلم ويعرف، ومن واجبه أن يتحرك قبل فوات الأوان، وقد أوشك أن يفوت، ولتتأسس {الحركة الوطنية الشعبية لمقاومة التجويع والإفقار}، حركة شاملة، وطنية الدوافع، ذاتية الاندفاع، منظمة الأفعال منضبطة التحركات، متحررة من التوجهات والتوجيهات والتأثيرات السياسية والآيديولوجية ، بعد أن ماتت الروابط والنقابات، وانتهت وخانت الأحزاب السياسية، والمنظمات المدنية، وصار على من يتهددهم الجوع والذل والمرض، وهو السواد الأعظم من أبناء الشعب الليبي، أن يستعيدوا زمام المبادرة، وأن يثوروا، ليس لأجل ترف الشعارات، بل لإنقاذ الحياة.