هيام قبلان
1
*إليكم
لحارس المدينة لسيدي القاضي لبابلو نيرودا ،للوركا، لرقصة في عرس الدم، لطاحون الأرقام ، لانفلات الصرخة، لكؤوس النبيذ ،لطحلب الوقت ، لاختناق الحناجر لمن نصبوا أنفسهم فوق البشر فحللوا ما يريدون وحرموا، للفراااغ وفقاعات الهواء، للضجيج، لمخرز في الذاكرة ، لجذع سنديانة التوى عنقها، لمسرح العيون الكاذبة ، لأشباه الرجال ، لمزامير أيلول ، لسحابة الرماد ، لعاصفة الرعد، لأمة تبكي وتضحك وتزحف على بطنها كالسلحفاة ، لقارعي الطبول ، لصانعي الصخر، لخفافيش الظلام ،للشعارات الرنانة والأقاويل والافتراء ، للأقنعة المزيفة لرائحة شواء الأجساد، للخناجر في الظهر ،للكلام المعسول، لمجتمع آيل للانهيار والسقوط لمرجل النار ، لآخر وصمات العار هل نداوي الجراح بالنار ومن باعوا ضمائرهم يحتفون بالرقص حول موائد الكفار؟
2
قال: أرسل لك الريح / تعالي
وقد اعتليت موجة وريحا وظلا ونجمة كل ما كان يسقط الآن، كل ما كان قضم من سعادتي
الفرح الباكي في رياحين القلب، كل ما كان تسكع في طرقات الذاكرة وتمرّغ في طيني، وتموسق من رعشة أصابعي، وحملق فيّ ورحل . كل المدى والصدى ورمل حيفا ومقهى يافا ، وضجيج الباعة ، وسيدة الحزن التي تنتظر ، السوق الممتدة في ” وادي الصليب ” في حيفاي ، بقايا البنايات التي تعشّش فيها الخفافيش … كلها تنهرني أنا عاشقة المكان برائحته ، ولونه بمداه اللانهائي ، وبرصاصة ثقبت خدك واخترقت جسدك الممدد على مصطبة البيت تعرجت الطريق المؤدية إليك وتدلى عنق النجم ولم تسعفني خطواتي لأحتضن وجهك بين يدي، سبقني الموت إليك ،أستحضر كل اللهفات وأفرغ ذاكرتي من صدى صرخة ،ومن وجعي ،، من جرحي الذي حملته بين يدي وأنفاسك تتضرّج بدمائك ، لن تذكر الآن كيف كان رمشك يعانق وجه الصباحات وأنت المغدور في لجة الوقت والزمن الرديء لا بأس ، أيتها الريح خذيني الى هناك فالجرح يتجدّد ، يقف على عتبة شرفتي الغربية عبورا بغابات الشوق اليك وراء الأفق اللامتناهي لأبدأ مشوار اللحظة من الآن ،
أسائلك: هل كل ما كان أخذته الريح معها؟ البحر هو الشاهد وكثير من الصمت يتكلّم؟
3
خذوا ما تريدون من حقولي ، من حدائقي ، من ثروتي ، خذوا الرسائل التي كتبت ولم أكتب بعد ، كلّ الأوراق المكدّسة تحت وسادتي الخالية ،، خذوا ما تبقّى من ذاكرتي من قوتي ومن صبري ، من عطائي وانتظاري لطلّته ، احتراقي وشوقي لطفولته البريئة ، خذوا جبين صباي وامسحوا بلذّة عرق الليالي ومصائب الدهر، حزني، جسدي المبلل بحنين الأمهات وهن يحفرن بأيديهن قبور الأبناء ، ها أنت يا ولدي تغادر نافذتي المطلة على غابة الشوق، امتشق منها لوعة الصنوبر ، وعلّق قطرة ندى بين صخرتين واذكرني ،اجعلني كما لم تعرفني عيناك من قبل زهرة اقحوان تلامس جسدك المسجى وتمسّد شعرك وتعبث برجولتك التي كسرها الأوغاد ،،، يا هذا الوجع ،،، يا أنت البعيد الذي تسكنني كن هناك كما شاء الله وكتب، والتحف بوجه الفجر الباكي فوق صنوبر الكرمل ها أنا الآن أزيل التراب رويدا رويدا عن مقلتيك لتنبت أصابع الحق وينهض العابرون إلى السماء( لن أنساك يا ولدي لأنك المجبول من لحمي ودمي)