بقلم :: عمر الطاهر
كان القذافي منذ الثمانينات يتحدث عن قطار الموت الصهيوني ، و كنا آنذاك يافعين مثلما ساستنا اليوم ، لا نفقه شيئاً من علم الساسة إلا الأخبار التي تصنع لنا يومياً عبر الشاشة الوحيدة و تقدم لنا الساسة كعلف يومي على مائدة الأخبار عند التاسعة و النصف مساءً .
كانت أخبار القائد ، هي الخبر الأول ، و من ثم أخبار الوطن ، ثم أخبار العالم ، مثلنا مثل باقي العرب .
و نحن نعرف العالم من خلال الأخ الفائد ، هو يخبرنا عن أعدائنا و من هم أصدقاؤنا و ماذا أعد لنا كل فريق منهم لحياتنا .
و كان أكثر ما يرعبنا هو قطار الموت ، و قطعان الهمج الصهاينة ،
و كان كارتر و ريقن و أمريكا الإمبريالية العالمية التي تتربص بنا و ما انفكت تحيك لنا المؤامرات و الدسائس ، لتستولي على أرضنا و نفطنا و بيوتنا و ترجعنا إلى الخيمة و الجمل ، فاشترى لنا السلاح بالمليارات ، و تدربنا عليه نساءً و رجالا آباء و أمهات و بنين و بنات .
مضى ذلك الزمن ،
و مضى ريقن و أتى أوباما ، الأفريقي الأسود و لم تنته نظرية المؤامرة ، أصبحت أخطر ، إنها اليوم تستهدفنا في ديننا ، و حضارتنا ، و وجودنا .
قدمت لنا السم في العسل ، و أهدت إلينا الزهور ، في ربيعنا العربي ، عزفت لنا نشيد الموت ، فرقصنا على أنغامه و رددنا نشيد المؤامرة ( فليسقط النظام ) و حينما انتهت الرقصة ، سقط النظام و سقطنا في وحل جهلنا ، و تلطخت وجوهنا بالوحل و كذلك أجسادنا فلم نعرف بعضنا ، و ظننا ان البعض منا أعداء مندسين ، من نسج خيوط المؤامرة ، بعضنا ينادي بالدِّين و البعض بالديمقراطية و البعض الآخر لازال يصرخ فينا و يقول إنها المؤامرة ، لا يهم ، المهم أننا خضنا حروبا فيما بيننا كحرب البسوس ، قبيلة تغزو قبيلة و مدينة تمسح مدينة و شعوبنا ما بين نازح و مهجر و لاجئ على مضارب القبيلة .
ذهب أوباما ، و جاء ترامب ، إن أوباما كان زهوقا ، هلل من هلل و كبر من كبر و استبشر ، و لكن لم تنته المؤامرة .
إيران و المد الشيعي ، و بعبع الإرهاب السني ، نحن المسلمون هم الأعداء ، فيا أيتها السعودية ، إيران الشيعة التهمت العراق ، و التهمت سوريا ، و ابتلعت لبنان ، و هاهي تقضم اليمن و تتذوق من الكويت و البحرين ، و قليل من القصيم . و نمر النمر يقدم الأطباق لهم مما لذ و طاب .
يا ولي ولي العهد ، اذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فإن بها ترامب لا يظلم أحد .
و جاء ترامب و كأنه اليهودي ( شايلوك ) و قصة تاجر البندقية ، و استدعت السعودية إخوتها الأشقاء و غير الأشقاء ، إخوة الدين و إخوة العرق و إخوة الرضاعة من حليب و نفط و غاز .
جاء مولاهم ترامب و جاء الحليف الجديد ، و المنقذ من المؤامرة الإيرانية الشيعية و
ليحم المسلمين من المسلمين .
ثم غادر ترامب ، و غادرت معه 400 مليار دولار إلى غير رجعة .
و لم تنته المؤامرة .
و حينما وصل إلى بيته الأبيض ، اكتشفنا ذلة ليلة و فجأة ، ان قطر مؤامرة ، و جودها مؤامرة ، و تدعم المسلمين ضد المسلمين .
و تحت جنح الظلام ، و حيث ( لا يفل الحديد إلا الحديد ) خططنا نحن أيضاً مثل قطر لمؤامرة على قطر ، و حين أصبحت قطر لم تفطر من هول المفاجأة ، عزلت قطر و قطعنا العلاقات معها ، حتى موريتانيا و مورشيوس أحست بالمؤامرة .
لكن نخوة العرب لم تنقطع و لم تمت ، أرسلت الجزائر و المغرب المساعدات الغذائية فوراً إلى المسكينة قطر ، كجسرٍ جوي عاجل ، مثلما فعلتا مع جارتهما ليبيا إذ كانت الفزعة إقفال الحدود و التأشيرة .
ليس من بد سوى الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، لفك حصار قطر ، إلى ترامب لا يظلم عنده أحد .
تاجر البندقية يعشق رنين النقود ، و حفيف ورق الدولارات بالمليارات ، و اشترت قطر بضعة طائرات حربية متطورة لاستخدامها لضرب المسلمين و دفعت المليارات لشيخ التجار دونالد ترامب .
و إلى اللقاء حتى مؤامرة أخرى يا عشاق المؤامرة .