- زاهية فرج علي / باحثة في حقوق المرأة
تعد مشكلة الفئات المهمشة من أهم القضايا وأخطرها لتداخل أبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، ولذلك فهي مشكلة عالمية تطورت إلى ظاهرة تفرض نفسها وتستقطب اهتمام المعنيين بالتنمية البشرية وحقوق الإنسان.
ويشير مصطلح الفئات المهمشة إلى مجموعة من الناس تُعّْد الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المعاكسة مسئولة عن تهميش وجودها، وتحديد دورها في المجتمع, وتعد الهامشية هي الوجه الآخر للفقر والحرمان وانعدام العدالة الاجتماعية، وهي توجد فى الريف والحضر.
الفئات المهمشة في ليبيا (النساء- – الأشخاص ذوي الإعاقة- الأطفال- المسنين- مهاجرين واللاجئين والأشخاص النازحين داخليا هم الأشخاص الذين ابتعدوا عن مناطقهم الأصلية والذين عادة ما يواجهون تحديات في التمتع بحقهم في التعليم، حيث تسبب الهجرة، سواء كانت قسرية أم لا، خللا في الانتظام المدرسي للأطفال والمراهقين)
يواجهون تحديات في الحصول على فرص التعليم، ويقوم الرجال والنساء وكذلك الأطفال بأعمال مؤقتة وهامشية، وأن الدخول الذى يحصل عليها هؤلاء الأفراد متدنية، ولا تفي باحتياجات الأسرة الأساسية؛ وفي أحيان كثيرة يقل دخل الأسرة المهمشة عن خط الفقر.
كما تعاني الفئات المهمشة من الفقر من جهة، وتدني الخدمات الصحية من جهة أخرى، فهم يشكون من تردي أوضاعهم الصحية بسبب إقامتهم في أحياء ومناطق تفتقر إلى الخدمات الأساسية العامة، وإلى الخدمات الصحية الضرورية مقارنة بالأحياء التي تعيش فيها بقية الفئات الأخرى التي تتوفر لهم الخدمات الجيدة، انتشار الأمراض بالإضافة إلى تزايد وفيات الأطفال والأمهات الحوامل, وكذلك سوء التغذية بشكل عام، وتسكن الفئات المهمشة في أحياء عشوائية وتشعر الفئات المهمشة بالاغتراب عن الثقافة الحضرية المحيطة وعن الجماعات الأخرى من حولها، ويعود ذلك إلى عجز الدولة عن استيعابهم، ودمجهم في المجتمع بدلاً من تركهم على هامش الحياة الحضرية كبؤرة للفقر والجريمة والأمراض الفتاكة. كما يلاحظ ارتفاع نسبة البطالة بين الفئات المهمشة قياساً بالفئات الاجتماعية الأخرى إضافة إلى انخفاض دخول من يعمل منهم، وارتفاع معدل الإعالة في أوساطهم ويلجأ بعضهم إلى التسول بسبب البطالة، وانخفاض أجور الأعمال الهامشية التي يقومون بها.
في ظل انتشار النزاع تعاني الفتيات من عدم تمكنها من الذهاب إلى المدارس وتعاني النساء من التمييز ضدهن وانتشار العديد من القضايا مثل العنف المدرسي والزواج المبكر والعادات التي تميز على أساس النوع الاجتماعي، وهي من المعيقات الرئيسية التي تعيق تعليم الفتيات في ليبيا. والتهديد بالعنف سواء في المدرسة أو في الطريق إليها، وعائدات عمل الفتيات في المنازل، كل هذه تسبب حرمان الفتيات من التعليم.
كما أن ليبيا لم تلتزم بتطبيق الاتفاقية الموقعة عليها وهي (المادة 10) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة هي المادة الأكثر شمولا عن حق الفتيات والنساء في التعليم، حيث تنص على التزام الدول باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز العنصري ضد النساء من أجل ضمان حقوق متساوية مع الرجال في مجال التعليم وذلك من أجل ضمان:
- ظروف متكافئة في الحصول على الدراسة في جميع مراحل التعليم في كل من المناطق الحضرية والريفية.
- تكافئ في جودة التعليم، والقضاء على أي مفهوم نمطي عن ادوار الرجال والنساء.
- فرص متكافئة في الحصول على منح دراسية أو أي منح أخرى للتعليم، وفي الوصول إلى برامج إكمال التعليم والتي تتضمن برامج محو الأمية والمشاركة في الرياضة والتعليم البدني.
- تقليص عدد الفتيات اللواتي يتركن الدراسة.
- الحصول على المعلومات الدراسية عن الصحة، والذي يتضمن الاستشارة عن تنظيم الأسرة.
حقوق الفتيات والنساء في التعليم في إفريقيا بشكل خاص.
- تتضمن المادة 12 من البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا، قائمة التزامات الدولة لضمان حق الفتيات والنساء في التعليم والتدريب، بما في ذلك حماية المرأة، وخاصة الفتيات الصغار، من التحرش الجنسي في المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى وتوفير العقوبات ضد مرتكبي هذه الممارسات. وتلتزم الدول أيضا في اتخاذ إجراءات إيجابية لتشجيع محو الأمية بين النساء، والتعليم والتدريب وتشجيع التحاق الفتيات في المدارس وبقاءهن فيها.
- · تلزم المادة 11 من الميثاق الإفريقي بشأن حقوق الطفل ورفاهيته الدول لاتخاذ تدابير خاصة بالنسبة للإناث من أجل ضمان حصول متكافئ على التعليم.
- تنص المادة 13 من ميثاق الشباب الإفريقي على أن تلتزم الدول، حيثما أمكن، بضمان حصول الفتيات والشابات اللواتي يحملن أو يتزوجن قبل أن يكملن تعليمهن على فرصة لاستكمال التعليم.
التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم حيث يضمن القانون الدولي، ولاسيّما في المادة 24 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويتعين على الدول أن تضمن نظاما تعليميا شاملا على جميع المستويات بغية إعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، وهذا يعني أن الدول ملزمة بأن ضمن عدم استثناء الأشخاص ذوي الإعاقة من النظام التعليمي العام بسبب إعاقتهم. تقدم لجنة حقوق الطفل، في تعليقها العام رقم 9 بشأن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، توصيات من أجل التحقيق الفعلي للحق في تعليم الأطفال ذوي الإعاقة، وتؤكد على أن التعليم الشامل ينبغي أن يكون هدف تعليم الأطفال المعوقين.
يتعين على الدول أيضا الالتزام بتوفير الدعم اللازم لتسهيل التعليم الفعال للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك توفير الترتيبات التيسيرية المناسبة والأدوات المناسبة لاحتياجاتهم وتدابير دعم فردية، بالإضافة إلى توظيف معلمين مؤهلين ومدربين لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة في المدارس العادية.
وفى إطار مفهوم التنمية المستدامة ننظر لتلك الفئات من منظور الرؤية الشاملة والمتعددة التي تعني بالتنمية الاقتصادية بتأمين مستوى لائق من العيش حاضراً ومستقبلاً، والارتقاء بقدرات المجتمع من خلال تقديم نموذج للتنمية يعني بالبيئة ويحترمها، عن طريق تيسير الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، من خلال مناقشته القضايا البيئية وعلاقتها بالفقر وغياب التنمية.
التحديات التي يواجهها اللاجئون في ليبيا:
يواجه اللاجئون مشكلات قانونية، مثل غيرهم من الفئات المهمشة والمستضعفة الأخرى. وغالبًا ما ترتبط هذه المشكلات بصورة مباشرة بتشرد ونزوح هؤلاء اللاجئين، لكنها تعكس أيضًا مشكلات عامة يواجهها الفقراء وترتبط بالأسرة وبقضايا مدنية وجنائية. وكلما زادت مدة تشرد ونزوح الشخص، كلما كان من المرجح أن تزيد المشكلات القانونية، خاصة تلك المشكلات الأقل ارتباطًا بصورة وثيقة بالتشرد والنزوح. وتبدأ هذه المشكلات في إنهاك المؤسسات المحلية.
الأطفال في ليبيا يواجهون التهميش والإقصاء الاجتماعي لعدم توفر الدعم وتجاهلهم ضمن فئات الأطفال الأكثر ضعفًا، وحيث النسبة الأكبر للأطفال ذوي الإعاقة لا يذهبون إلى المدارس وهم أكثر عرضة للعنف ب3أضعاف عن غيرهم من الأطفال.
ففي حالات النزاع يعتبرون من أكثر الفئات هشاشة في النزاعات إذا لم يحصلو على الخدمات والمدارس ووسائل المساعدة كالكراسي المتحركة فإن العديد منهم يواجهون خطرًا حقيقيًا بالإقصاء والإهمال والوصم.
ومثلما يواجه البالغون من ذوي الاحتياجات الخاصة تحديات تتمثل في عدم المساواة مع غيرهم من الأشخاص في فرص العمل أو غيرها، فإن الأطفال يواجهون تحديات أبرزها التمييز والتهميش وقلة الدعم.
ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى دمجهم في الحياة العامة بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، وتأهيلهم للإسهام في تنمية مجتمعاتهم