- المستشارة القانونية : فاطمة درباش
إن القانون من صنع البشر أما الشريعة فهي من عند الله الشريعة صانعها الله وتتمثل في قدرة الخالق وكماله وعظمته وإحاطته بما كان وما هو كائن صاغها العليم الخبير وتحيط بكل شيء وأمر جل شأنه أن لا تغير ولا تبديل حيث قال (لا تبديل لكلمات الله).
أما عن إن الشريعة أوسع نطاقا من القانون، فالقانون من صنع البشركما أسلفنا أعلاه ، ويتمثل فيه نقص البشر وعجزهم وضعفهم؛ لذا فهو عرضة للتغير والتبديل، أما الشريعة فصانعها هو الله، لذا تتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته وإحاطته بما كان وما هو كائن؛ لذا فهي صالحة لكل زمان ومكان؛ لأن علمه أحاط بكل شيء.
فقد جاءت الغاية من الشريعة كون التشريع هو رفع القيود السياسية والاجتماعية التي تغل حركة الإنسان إن ما يهدف إليه التشريع والقانون بالدرجة الأولى هو تنظيم الحياة الاجتماعية للناس وإيجاد التكامل السليم بين فئات المجتمع للوصول إلى السعادة والكمال.
ويأتي تساؤل حول الأصل في أن الشريعة قانون أم القانون هو ذاته الشريعة ؟
إن الشريعة «قانون إسلامي» بينما نحن ندرس القانون عموماً والقانون المقارن الذي نستحضر القانون الإسلامي فيه، ونقرأ خبرات وطرق الدول المختلفة في التعامل مع القانون عموماً وتطبيقه.
حيث تقرأ الشريعة بوصفها جملة من القوانين المرتبطة بمصادرها التشريعية السماوية وجدالات الفقهاء التاريخية ومذاهب الفقه وتعود لتلك النصوص الفقهية والخلافات والتقريرات والتحريرات بوصفها «الشريعة الإسلامية» بغض النظر عن تطبيقات الدول الإسلامية المعاصرة وطريقتها.
إذاً الشَّريعة هي مجموعة من القوانين الدينية التي تشكل جزءًا من التقاليد الإسلامية، وهي مستمدة من تعاليم الإسلام الدينية وتقوم على المصادر المقدسة للإسلام، ولا سيما القرآن والحديث. في اللغة العربية، يشير مصطلح الشريعة إلى قانون الله الذي لا يتغير ويتناقض مع الفقه الذي يشير إلى التفسيرات البشرية.
بالتالي فإن أهمية الشريعة الإسلامية تكمن في أن الشريعة تتجه نحو غاية محققة وهي حفظ مصالح العباد ودفع المضار عنهم ليسود بينهم الأمن والاطمئنان ويمنع الظلم والجور، وبذلك تتحقق لهم سعادة الدنيا والآخرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (والتحقيق أن الشريعة التي بعث الله بها محمدا – صلى الله عليه وسلم جامعة لمصالح الدنيا والآخرة).
ساهمت الشريعة الإسلامية في إرساء قواعد القانون الدولي الإنسانيّ حيث تضمن الشريعة الإسلامية لضحايا النزاع المسلح الحق في الحماية والاحترام والمعاملة الإنسانية الكريمة. كما تدعو إلى حماية المرافق والممتلكات المدنية. وتقيد الشريعة الإسلامية أساليب ووسائل الحرب إلى حدود الضرورة العسكرية. كل هذا يتوافق بشكل كامل مع أحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
فعلاقة القانون والشريعة تكون بأن جُل أنظمة القانون الإسلامي والأنظمة المختلطة ذات قانون إسلامي ،إنّ القانون الإسلامي هو نظام قانوني منفرد یختلف عن باقي القوانین الدينية بالمعنى الحرفي. یشکل القرآن المصدرالأول و الرکیزة الأساسیة لهذا النظام القانوني . إلا أنه وفي بعض البلدان ذات التقليد الإسلامي بقي هذا القانون محصورا في الأحوال الشخصية.
يوجد في الدراسات مجال القانون والشريعة ويهدف البرنامج إلى تحقيق الريادة في مجال العلوم الشرعية والقانونية، مع الجمع بين الأصالة والمعاصرة ، كما يهدف إلى إعداد مختصين من ذوي المؤهلات العلمية في المجالين الشرعي والقانوني و المساهمة في إعداد التشريعات الوضعية بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
ويتجسد الفرق بين الشريعة والقانون في أنه أولاً الشريعة الإسلامية من عند الله بينما القانون الوضعي مصدره الإنسان. ثانيا- قواعد الشريعة شاملة بينما قواعد القانون ضيقة.
ثالثا- الجزاء في الشريعة دنيوي وأخروي، بينما في القانون دنيوي فقط.
رابعا- الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان بينما قواعد القانون مؤقتة في الزمان والمكان.
فمن مقومات المجتمع المسلم التشريع أو القانون الذي يحتكم إلى الشريعة ويحكم بها. والشريعة هي المنهاج الذي وضعه الله تعالى لتنظيم الحياة الإسلامية على ضوء الكتاب المبين والسنة المطهرة، ولا يكون المجتمع مجتمعاً إسلامياً إلا بتطبيقها والرجوع إليها في حياته كلها، عبادات ومعاملات، فليس من المعقول أن يأخذ المسلم من كتاب ربه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، ولا يأخذ منه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}. ولا يتصور أن يقبل آيات إيجاب الصلاة، ويرفض آيات تحريم الربا.