حاورتها : زهرة موسى
استهواها العمل التطوعي منذ طفولتها ، انضمت إلى عديد مؤسسات المجتمع المدني ، ولعل أكثر ما كان له أثر و بصمة في تغيير حياتها هو انضمامها إلى الحركة الكشفية حسب إفادتها ، فتحية من أوائل النساء اللاتي انخرطن في العمل الكشفي بمدينة سبها حيث بدأت العمل التطوعي بانخراطها في العمل الاجتماعي منذ أن كانت في السنة الثالثة من المرحلة الإعدادية ، فانضمت إلى جمعية النهضة الإنسانية.
تاريخ حافل من 1970 – 2021
تقول ” فتحية المحتوم ” تحصلت على دبلوم معلمات في عام 1970 , وتحصلت على ليسانس الفلسفة وعلم الاجتماع سبها 1980 ” وكنت ضمن الدفعة الأولى في جامعة سبها , وبالإضافة إلى ماجستير فكر عربي معاصر 2014 , حيث تحصل على شهادة الماجستير المصغر في مجال التنمية البشرية من جامعة إبراهيم الفقيه في عام 2018 .
أضافت ” درست بمدرسة الجديد بعد العمل مباشرة من عام 1974 إلى 1976, ومن ثم أصبحت مشرفة تربوية بمعهد سرت من 1976 إلى 1980 ’ وانتقلت إلى المدرسة الثانوية. وكانت معظم السنوات في معهد المعلمات بسبها ,وكنت أدرس مادة علم النفس من 1980 إلى 1990 ومن ثم عملت موجهة تربوية في مادة علم الاجتماع .
أوضحت ” من 1990 إلى 1998 من بعد التوجيه انتقلت للعمل في ثانوية الجيل الجديد من سنة 1998 إلى 2012 ومن بعدها عينت مديرة لمدرسة محو الأمية “لتعليم الكبار ” والآن أعمل متعاونة مع الجامعة الأسمرية بسبها من 2015 إلى 2019.
ذكرت “بدأت العمل الكشفي عام 1972 حيث كانت البداية للحركة الكشفية للمرشدات في مدينة سبها والقائد المرحوم حامد الشاوش هو من دفع بمجموعة من المدرسات ، حيث نظمنا دورة تدريبية للالتحاق بالكشاف، والكشاف لها عدة مراحل “الزهرة : وهي الأنثى (الطفلة الصغيرة من ثلاث أو أربع سنوات إلى حد معين من ثم يترقين إلى قائدات قادرات على إنشاء الفرق ) ومن ثم يتم تسليم هذه الفرق لنا.
وأضافت : في عام 1996 عينت قائدا للمرشدات ولم أستمر كثيرا نظرا لبعض الضغوطات , قمنا حينها بمساندة الكشفيين في الجمع و التدريبات ، ونقوم بإرشادهم إذا ما احتاج الأمر .
كثيرون يضعون العوائق في طريق المرأة.
كيف قمتم بنشر ثقافة الانضمام إلى الحركة الكشفية في بدايتها ؟وهل واجهتكم صعوبات؟
أكدت ” نعم ، كانت هناك صعوبة كبيرة خاصة بأنها شيء جديد على المجتمع حينها ، وذلك لقلة الوعي , وبالأخص بمنطقتنا فلم تكن هناك معارضة كبيرة جدا لها بشكل عام , ولكن رغم ذلك كان هناك اعتراض على انخراط المرأة في مثل هذه الأنشطة ,حيث أن هناك كثيرون ممن يضعون العوائق في طريق تقدم المرأة وتطورها ، ولكن من استطاع أن يفهم طبيعة العمل الكشفي يجد أن العمل الكشفي هو دافع , وقوة لبناء شخصية المرأة في المجتمع .
العمل الكشفي ترسيخ الأخلاق النبيلة
وهذا لأنه من مبادئ العمل الكشفي هو ترسيخ الأخلاق النبيلة في نفس المرأة سواء كانت مبادئ إسلامية أو إنسانية متجسدة في هذه الحركة.
ما نوع الأنشطة التي كنتم تقومون بها حينها ؟
أشارت ” بالنسبة إلى الأنشطة فعملنا كمرشدات على أنشطة توعوية كثيرة منها داخل المدينة والبعض خارجها كالدورات و المخيمات ، منها المخيم العربي للمرشدات , اللقاء العربي الجامعي سنة 1980 وكان اللقاء الأول للإرشادية العربية سنة 1993 ، وكذلك لقاء قديمات المرشدات في شحات سنة 2011 , واختص هذا اللقاء بالرواد والرائدات ، وأيضا المؤتمر السابع للعرب في المغرب سنة 2012 .
الكشفية حارسة للقيم
نوهت المحتوم ” هنا كان دوري كممثلة أو مرشحة رائدات سبها , حيث كان يقام كل أربع سنوات على مستوى الوطن العربي , وفي كل مؤتمر تطرح قضية للنقاش ، والقضية كانت هي قضية المواطنة ، ولأن القضية مهمة وعظمية أعطيت للرواد من أجل ترسيخ المواطنة للتنشئة العربية , لأن منظومة القيم في الوطن العربي فيها تراجع نتيجة للاختراقات الغربية وبكل أنواعها سواء كانت العلنية أو الخفية والتي يعملون بها في الخفاء فهذه القضية باعتبار أن الكشفية هي حارسة للقيم , ومجسدة فيها كونها تحث على الانضباط والولاء للوطن , والإحساس بالآخر من أهم مبادئ الكشفية والولاء لله ثم الوطن , ثم الذات فهذا التسلسل يجسد روح الكشفية. كما نوقشت تلك القضية على مستوى كبير وتم إعطاؤها أولوية واهتماما كبيرا جدا , وأرى أنها ستثمر وتخرج نتيجة كبيرة جدا إن استمر الاهتمام بها بنفس الوتيرة .
وفي سؤالنا لها كيف استطعتم تطبيق ما عرض بالمؤتمر حول ترسيخ الأخلاق والقيم على أرض الواقع؟
أجابت المحتوم ، أقررنا ذلك في مناهج الكشاف , لكن كنت أتمنى أن ترسخ هذه القيم في المنظومة التعليمية أي ( منظومة المناهج ) وعن طريق المشاركات في المؤتمرات , والمساهمة في اللقاءات الطلابية , فكما تعلمون جل الرواد هم من المعلمين التربويين وهم الأجدر والأكفأ لأنهم يهتمون أكثر بهذه القضايا المصيرية من خلال وضع مناهج حقيقية ومفيدة.
وأضافت : في عملنا الكشفي تعطى هذه الدروس للكشفيين لأن العمل الكشفي العالمي يرتكز على بناء المبادئ والقيم والأخلاق الرفيعة النبيلة ، وهذا هو منهج تأسيس الحركة الكشفية. زخم من المشاركات والعطاء. تؤكد المحتوم مزجت في عطائي بين الدروس التربوية والمبادئ الكشفية ، و شاركت في العديد من الملتقيات داخل مدينتي سبها وأشهرها كانت , الملتقي الأول للمرشدات الصديقات 2007 ,ندوة الشباب والشابات في شهر مارس من عام 2007 , ملتقى الفرقة الخامسة للفتيات مع ذوات الاحتياجات الخاصة , المخيم التدريبي لفوج المرشدات شهر 9 -2012 , الملتقى الأول للقائدات 2013 .
همة عالية وعمل مستمر
لازالت المحتوم تمتلك همة عالية للعطاء بسخاء حتى وهي تقارب نصف القرن من مسيرتها الكشفية وفي ذلك تقول: لايزالون يستعينون بنا في العديد من الورش والدروس على مختلف المستويات.
لدينا ما نعطي وبسخاء وبفيض من المحبة
قائدة لأول معسكر كشفي بالجنوب عام 1976. تستذكر المحتوم قيادة أول معسكر للفتاة في الجنوب في سنة 1976 , وكان هدا أول معسكر يضم النساء على مستوى الجنوب الليبي من مختلف المناطق , وفي ذلك الوقت كان من الصعب إدراك فكرة العمل الكشفي فحتى نهاية ستينات القرن الماضي كان تعليم النساء من المحظورات بل ويصل لدرجة العيب ، لكن معسكر الكشاف ضم أكثر من أربعمائة امرأة من جيل الستينات والسبعينات وحتى التمانينات ومنه انطلقت فكرة مجموعة الرائدات للعمل الاجتماعي , وتم تقديم هذا الملتقى , وبدأت المرأة بعد هذا الملتقى تخرج وتشارك في الملتقيات داخل الجنوب وخارجه .
الحركة الكشفية صقلتني وغيرتني
وعن تأثير الحركة الكشفية في حياتها أجابت المحتوم صقلتني الحركة الكشفية ، أضافت لشخصيتي الكثير تعلمت منها الانضباط ، و أخرجت بذرة الإنسانية بداخلي أبعدتني عن الأنانية وحب الذات والنرجسية ، جعلت الآخرين من حولي محط اهتمامي أكثر من نفسي ، شكلت مني شخصا متعاونا ومتضامنا مع الآخرين هذبت أخلاقي ، ونمت مداركي الروحية وعندما وجهنا لها سؤالا حول أحب الأنشطة الكشفية لقلبها وأعظم إنجازات نصف قرن من العملي الكشفي ؟
أكدت المحتوم : كل ما قمت به من أعمال و أنشطة مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لي و أعتبرها إنجازات عظيمة و لكن أكثرها قربا لقلبي ، هي إدارتي لمعهد محو الأمية ، فبسببه واجهتني عديد المشكلات و العراقيل حتى استطعت افتتاحه ، ورأيت السعادة في عيون السيدات كبيرات السن ، و فرحتهن حينما باشرن الدراسة بالفعل ، ما شعرت به حينها شيء لا يوصف ، شعرت حقا بأنني حققت إنجازا عظيم ، لأننا استطعنا أن نمنح أمهات لنا عن التعليم لسبب ما ، و سيدات متوسطات العمر وحتى شابات بحجة الكتابة لأول مرة فتعلمن كتابة الأحرف وتهجي الأبجدية ، كان شعورا مميزا ، شعورا لا يمكن للكلمات أن تصفه ، فعلا هذا إنجاز أفخر به جدا .
ربيت بناتي على حب التطوع
وتسترسل المحتوم والبهجة ترتسم على محياها : ربيت بناتي على حب العمل التطوعي و انخراطهن في الحركة الكشفية إنجاز أفخر به جدا ، والآن بناتي قائدات فرق في الحركة الكشفية ، و أذكر في إحدى الملتقيات للرائدات كنا أنا و ابنتي و حفيدتي موجودات و نرتدي الزي الكشفي ، حقا شعرت بفخر كبير في ذلك اليوم .
تضيف : بعد العام 2011 ، وظهور مؤسسات المجتمع المدني انخرطت في الاتحاد النسائي الليبي بسبها ، و شاركت في معظم الأنشطة التي قدمها الملتقيات و المحاضرات التوعوية و الجلسات الحوارية ، و تعاونا مع عديد المنظمات مثل منظمة من أجل السلام ، فكان عملي بالاتحاد استمرار لعملي في الحركة الكشفية .
وفي سؤالنا لنا بعد هذا المشوار الحافل بالإنجازات والبهاء ما الذي تطمحين لتحقيقه مستقبلاً ؟
أجابت : أطمح إلى العمل على دعم المرأة في جميع المجالات ، لخلق أم واعية بالمجتمع ، لأنه إذ صلحت الأم صلح المجتمع ، فالأم مؤخرا تخلت.
عن أشياء مهمة في دورها الأساسي كأم ، وتوجهت إلى مسئوليات أخرى لا أراها مهمة أمام دورها الحقيقي ، مما شكل كارثة اجتماعية فلهذا نسعى إلى توجيه الأم إلى دورها الأساسي ، هذا ما أطمح له صدقاً .
هل تعتقدين بأن مؤسسات المجتمع المدني حاليا بكثرتها لها أثر في المجتمع السبهاوي بترسيخ القيم والمبادئ النبيلة السامية ؟
بدأ على ملامحها الاستياء وهي تقول هي كثرة بدون تأثير ، الأغلبية الكبرى لمنظمات المجتمع المدني مظهرية فقط ، و ليست جوهرية ، القليل جدا يعمل بالفعل منها ، و هدفها الرقي بالمجتمع ، و أما الباقي فلها مآرب أخرى ، والحقيقة يجب أن تنطوي مؤسسات المجتمع المدني تحت لواء واحد لتوحد و تنسق الجهود ، وحتى يستطيع المجتمع الاستفادة منها ، بدلا من العمل بدون جدوى بشكل عشوائي ، هذا إذا كان هدفها الأساسي هو الرقي بالمجتمع . وفي ختام حوارنا الشيق مع سيدة منحت الحركة الكشفية في فزان خمسين عاماً من عمرها المديد.
قالت أتمنى أن يسود الأمن و الأمان بلادنا ، و شكرا على الاستضافة .