النساء والزجاج دائمًا في خطر

النساء والزجاج دائمًا في خطر

صلاح إبراهيم

الأمثال والحكم هي المخزون الثقافي للشعوب وتدوين تاريخي للقيم و المبادئ المتبعة لديهم، لذلك هي من إحدى أهم الطرق البسيطة للتعرف على الشعوب ونمط تفكيرها و ماهي المحرمات و المسموحات لديها.

المجتمع الإسباني مجتمع متنوع بهويات مختلفة منها الباسكيين والكاتالونيين والجليقيين وكذلك الأقاليم المستقلة والحكم الذاتي كما أن الهيكل الاجتماعي في فترة من الفترات كان طبقياً معتمدا على الطبقة النبيلة و الطبقة الدينية التابعة للكنيسة ومن ثم تغير بسبب الهجرة و النمو والتطور الحضاري  ولكن الشيء الوحيد الذي ظل ثابتا هو دور العائلة و قدسيتها بالرغم من كل التغيرات المتتالية و لذلك تجد بأنهم مجتمع يقدس المرأة ومكانتها، وأنا أحاول فهم المجتمع الإسباني و جدت حكمة إسبانية تقول “النساء والزجاج دائمًا في خطر“.

دلالة رمزية على أن المرأة قابلة للكسر مثلها مثل الزجاج وعلينا التعامل معها بحذر و أن نبذل قصارى جهدنا لنحميها ونحاول أن نحافظ عليها من أيدي العابثين ونضعها في مكان لا تصله أيديهم لتظل براقة نظيفة ولا تتعرض لأي سقوط ، هذا المثل في مجتمعنا يقال بصورة أو أخرى على المرأة ولكنه يرتبط بصورة ذهنية راسخة عن المحافظة على عذريتها و شرفها مما يجعلها في التفكير السائد عبارة عن مخلوق لإرضاء الغرائز الكونية المشتركة مابين الإنسان و الحيوان، و شيء خلق ليكون مصدراً للإنجاب و متلقياً للتنمر و الإهانات، بل بلغ الأمر منتهاه و أصبحت تقتل في الشارع في زمن سيطرة الرويبضات.

خلال الفترة الماضية شاهدنا خبراً كروياً يدعو للاستغراب وهو خسارة منتخب ليبيا للنساء و بنتائج تستدعي كتابتها اللجوء إلى خبراء في عالم الأرقام أستحي من كتابتها فهي ستأخذ حيزا لا بأس به في أسطر المقال ، القصة بأنهن تعرضن لسيل من التنمر و العنف المبني زورا على النقد البناء لم يتساءل أحد عن كيف تم تجهيز المنتخب أو عن سبب هذا الحال بل اختاروا الهجوم فقط لكونهن نساء.

حدث مرّ مرور الكرام ولا أقصد هنا الخسارة فهي متساوية سواء كانت نساء أو رجالا فهذا هو المعتاد  بل القول يقصد به التنمر على المرأة و سوء المعاملة و انحطاط الأخلاق ، فالمرأة زجاجة قابلة للانكسار بالفعل أو الكلام، لم نشهد رفضاً أو استنكارا ما يعطي حرية مطلقة للسفهاء و يبيح لهم التعدي مستقبلا على السيدات وهذا ما شهدناه هذه الأيام تجاوزنا مرحلة الإهانة و التهكمات و صار قتل النساء أمرا مباحا و بسلسلة طويلة من الجناة، الزوج ، الأب ، الإخوة و استفحل الأمر ليصل حتى إلى الغرباء الذين استباحوا الحرمة أمام العيان وقتلوها في ذروة الازدحام و أمام أعين معشر الرجال.

لست متحاملاً على الرجال و لا مدافعاً عن مقولات التحرر أو داعيا للتعري و الانفتاح ولكني أخاف أن يأتي يوم ولا أجد فيه حضنا يحتوى رجلا أرهقته هموم الحياة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :