تدوير ما لا ينبغي تدويره 

   تدوير ما لا ينبغي تدويره 

 شعر : يوسف رزوقة

كما لو أنني ما جئت أصلا

أو كما لو أنني سأجيئ في كبسولة زمنية أخرى

أرى بوذا هنا، في الحالتين، معلقا بين احتمالين:

الحياة بوصفها موتا

ومنسوب السعادة في الزجاج بوصفه رملا

وإني لا أرى في ما أرى

إلا رويبضة هنا بمدينة الأشباح لا غير

وتلك سياسة التمساح..

ذاك دم الشهداء في النهر

القراصنة انحنوا:

– أهلا وسهلا

قلت:

* لا أهلا ولا سهلا، دعوني!

لي مع الأسماك ميعاد وثرثرة..

ولي معها معاهدة وما سأقوله سر زعاف

أنتم الأعداء للأسماك.. لا أهلا ولا سهلا!..

وداعا

هَلِّلوا بسواي إن شئتم

وبالغازي يجيء من الجهات السبع

أو من حيث لا تتوقعون

أنا؟ أنا بوذا

ولست، كما يصورني الدَّعِيُّ وكائن من كان،  منبوذا

فلي، فضلا عن الشعر الذي هو قاتلي، لعبي..

بنقطة أرخميدس، أقلب الأشياء والأمواج في زمكانها رأسا على عقب

وأجعل ما لدى الأسماك مجدافين لي وسفينة تعلو وتهبط دونما عطب

بوُدِّي أيها البشعون في متفرقات الروح، أيتها الدمى..

لو تكبرون معا

بحيث إذا نظرت، رأيتكم وكما يحب الله أطفالا جميلين

بوُدِّي لو، بكل بساطة، تبقون أطفالا جميلين

اكبروا حتى تروا ما لم تروه هناك في المنفى

العبوا مثلا معا

ومعا أحبوا الله مبتسمين لوجهه السمح

فليس الله أيتها الإناث الطيبات وأيها الهرمون في عز الربيع، عدوكم كي تجلدوه بكل ما في السفح من قبح

أحبوه كما يجب

فقط يكفي الهروب إليه

* بوصفه ماذا؟

– مجازا في ‘التجاوز و.. التعدي’

وهو، إن لغة وإن لغوا، عمود الشيء في الروح

أحبوه، بلا سبب، كما يجب

فقط ليكون، بالتالي، لكم، في حبه، سبب

الفلاسفة استماتوا فيه والفقهاء حتى لم يعد هو هو..

اسمعوه بغير واسطة إذن وتبسَّطوا فيه

بحيث هو الحديقة وهو أزهار وأشواك

بحيث هو المجاز، هو  الحقيقة وهو، إن شئنا، الحقيقة والمجاز معا

بحيث تجمهروا في حبه من غير أن تتكلموا فيه

 دعوه هناك

واجتمعوا على ما بين أيديكم من.. اللعب

دعوه هناك 

فهو هناك من شباكه

يلقي عليكم أجمعين سلامه

ليعود منكم مثخنا بجراحه

آذيتموه إذن؟

أنا بوذا!!

ولست، كما يصورني الدَّعِيُّ وكائن من كان، منبوذا

أنا.. ما لم أقله هو الأهم

وليس للقراء أية سلطة

كي يسألوني ساخرين: وما الأهم؟

أنا فقط ولغاية في غابة متواطئ ضدي، معي

لما أرى وجهي، أحاول فك شفرته

فأمدحه وقد أهجوه

 أنقشه وقد امحوه

تلك سياستي: لا دخل للدخلاء فيها

ذاك نهجي في الكتابة..

أي نهج؟

ليس للنقاد، إن وجدوا، سوى أن يسألوا نصي

أنا لا رأي لي

أو أن يكونوني

بحيث يرونني في ما قاله ذئبي وفي ما لم يقله

أحاول الإمساك بي متلبسا

لكنني، من حيث لا أدري وأدري، أختفي

أخفي الأداة وأدعي ما لسته أصلا وأعلن توبتي

ما لم أقله هو الأهم

بحيث أخفي حالتي أو آلتي

وأخاتل الصياد، كاميرا الرقيب

ولا أرى إلاي مجنونا

و/أو

إلاي في تركينه منسية مني

 وتلك سياستي وأنا أردد: من أنا؟

هذا المساء، كعادتي

أعددت لي – وأنا أفكّر – قهوة

وفتحت لابتوبي قليلا

كي أرى من مات، من باب الفضول ومن نجا

وكعادتي، هذا المساء

طرحت أسئلة:

لصالح من ..

يواصل جهله الإنسان؟

لم يأت الرّبيع إذن ولم يأت القطار؟

ضحكت من جهلي قليلا

لست في وضع يؤهّلني لأفهم ما يدور

فكلّ ما يجري هنا والآن من صنع العباقرة الّذين إذا رأوا قمرا جثوا

وأنا مجرّد شاعر يبكي بآخر دمعة في القلب تونسه الّتي ما عاد يعرفها

لتونس تلك، أيّام مخضّبة بلون الورد والحنّاء، هل ستطول؟

أسأل ثمّ أسترخي قليلا:

ذاك من عمل العباقرة الّذين متى رأوا قمرا جثوا

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :