إيمان زيّاد
امرأةٌ مثلُكِ لا تُثيرُ جُنوني
قالَها؛ واتَّسَعَتْ عَيناهُ مِلءَ مِرآتِهِ
واثقًا، في ضَبابِها الَّذي أَرادَ
صارَ البُخارُ يَتَكاثَفُ على كَتِفَيهِ
وزَخّاتُ المَطَرِ؛ في الخارِجِ، تَلسَعُ رَغبَتَهُ
أَرادَتْ يَداهُ أنْ تَلمَسَ ارتِباكَ نافِذَةٍ بِالقُربِ
لكنَّ أَنفاسَها؛ إذْ تَتَكاثَفُ على كَتِفَيهِ، وإنْ أَغمَضَ عَينَيهِ عَنها، تَسكُنْ تَحتَ جَفنَيهِ…
رَآها،
تَمامًا، تَلمَسُهُ فَيَميلُ
يُثقِلُ الماءُ ثَوبَها
فَتَخلَعُ عَنها ثِقَلَ الماءِ
ما حاجَتي للمَطَرِ؟ قالتْ
صارَ العُشبُ يَنمو تَحتَهُما
العُشبُ مِثلَها مُثقَلٌ بالماءِ،
دُوارٌ فوقَ جَسَدِها التُّرابيِّ
تَتَشَكَّلُ الأَورِدَةُ
وأَنفاسٌ كَتِلكَ الَّتي تَتَكَاثَفُ على كَتِفَيهِ،
في ابتِهَاجٍ؛ فوقَ خَطِّ الشَّهِيقِ الحادِّ، حَلَّقَتْ
لا مَكانَ لِلخَوفِ هُنا، صاحَتْ؛
كَنُقطَةِ هواءٍ أَمسَكَتْ بِسَحابَةٍ
بِيَدِها أَن تُسيلَ النُّعاسَ،
يَتبعُها دونَ شَكٍّ أو إِرادَةٍ،
جَعَلَتْ تَكسِرُ قَلبَهُ الحديديَّ
بِعِناقٍ مُستَحيلٍ
أو قُبلَةٍ تَذوبُ لاغتِيالِ الثَّواني
أو غَزالَينِ يَقفِزانِ في مَدارِ الجَسَدِ
مُسَلَّمًا كأَنَّهُ لا أَحدُ،
لا أَحدْ
لَمْ يَخَفْ مِنْ شُرودٍ أو دُوارٍ
صارَ طائرًا يُحلِّقُ فوقَ فِعلِ المُستَحيلِ،
هذِه المَرأَةُ لا تُثيرُ جُنوني
ما شاءَتِ الأقدارُ،
فَلِماذا تُشَوِّهُني هَكَذا مِرآتِي،
تَتَشَقَّقُ نافِذَتي حينَ تَستَريحُ عَنها عُيوني…
يَختَنِقُ الهَواءُ بِباطِنِ كَفّي
يَسقُطُ كَتفايَ إلى النَّهرِ كَأَنَّهُما لَيسا مِنِّي
فَوقَ خَدّي يُبرعِمُ الخَدَرُ
في شَفَتَيَّ ارتِعاشٌ غَريبٌ
تَدخلُ الحُمّى دَمي
يَعطَشُ لَيلي؟
سَريرِيَ سَحابٌ؛ بِبُطءٍ، يَمُرُّ مِن تَحتي
مَن يَغلي على مَهْلٍ كُلَّ هذا الصَّحو؟
.. مَن يُشعِلُ الحَطَبَ في كُلِّ جِهاتي؟
مَن يُرَطِّبُ شِفاهَ لَيلي
بِرَشفَةِ ماءٍ؟
مَن عَلا جَسَدي سَماءً.. ثُمَّ أَسقَطَ أَوسِمَتي؟
إِنَّها حَقًّا لا تُثيرُ جُنوني













