محمود السوكني
من مفارقات السياسة وما أكثرها ، أن جنوب إفريقيا كانت سباقة إلى الإعتراف بما يسمى (دولة إسرائيل ) التي حافظت على علاقات متينة بنظام حكم التمييز العنصري الذي كان سائداً انذاك ، والأغرب من ذلك ، أن هذا الكيان المسخ إضطر مكرهاً ذات مرة وإستجابة لنصيحة العم سام إلى (التنديد) بسياسة التفرقة العنصرية التي يتبعها نظام بريتوريا في جوهانزبيرج مجاراة للغضب الواسع الذي إجتاح العالم ضد حكام روديسيا البيضاء والتي ادت في نهاية الأمر إلى سقوط النظام العنصري وخروج “مانديلا ” من المعتقل وتوليه رئاسة الدولة عبر صناديق الإقتراع .
كعادتها ، تظهر عصابات الكيان الصهيوني خلاف ماتبطن فرغم أنها تندد في العلن بسياسة الميز العنصري وتنحاز ظاهرياً الى الأمم المتحدة في شجبها لسياسة روديسيا البيضاء العنصرية وحتى أنها وقعت على حظر بيع السلاح لها إلا أنه ثبت تعاملها وحدها دون غيرها مع النظام وتزويده بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة بما في ذلك السلاح النووي ، كان كل ذلك يجري وأمم العالم إجتمعت على وقف التعامل العسكري مع نظام القمع وحرّمت بيعه الأسلحة بشتى أنواعها .
الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان المسخ ليست مستغربة ، فقد عانى شعبها ويلات العبودية ، وعرف معنى أن تعيش عبداً في أرضك ، وتموت جوعاً وخيرات بلدك أمام ناظريك لا تطولها !
شعب قدوته “نيلسون مانديلا” أشهر سجين في العالم ، لا يرضى أن يرى غيره يعاني مرارة العبودية وقسوة الحرمان ولا ينهض مندداً .
لقد قامت جنوب إفريقيا بقطع علاقاتها بالكيان المحتل وقامت بإغلاق سفاراتها في العاصمة بريتوريا حتى يتوقف جيش الإحتلال عن حرب الإبادة التي يشنها ضد الأبرياء العزل في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية ، فماذا عن أشقاء الدم ؟
ماذا عن إخوت المصير المشترك ؟ ماذا عن أتباع دين محمد صلوات الله وسلامه عليه ؟ لك الله يا فلسطين ولنا الصبر على ما إبتلانا .