بقلم :: عمر الطاهر
و لم يعد شيئاً يثير فينا الاندهاش .
و لم تعد الحوادث و الأخبار العاجلة مصدر ترقبنا المعاش .
لم تعد الأخبار السيئة تحزننا أبداً ، و كل ما سوف يحدث متوقع الحدوث حادث و معاش.
تعودنا .
على الحروب الطارئة و الطاحنة .
و أعداد الضحايا بالعشرات لم تعد تفزعنا .
تؤلمنا قليلاً فنستنكر ثم ننسى اليوم كالبارحة .
تعودنا على المبادرات و وعود المحافل من جنيف إلى الصخيرات و صرف المليارات هدرا بلا طائل، و دوري مباريات موسم السياسة بين الشرق و الغرب و الجنوب غافل و ممازحات دول الجوار و صفقات الحدود و تهريب الوقود و البشر و الغنم .
و تعودنا على رفع درجات الخطورة و الاستنفار على الشريط الحدودي من الجار كلما أوغل الاٍرهاب فينا ذبحا و قتلا و تشريداً و صرخنا من فرط الألم .
تعودنا على البيانات العقيمة و كلمات التضامن المزعومة و التصريحات المنانة لوزراء الجوار لهم الحمد و المنة برغيف لم يصلنا و دواء هو شريط أو اثنين كما قال السيد ماخي و قارورة في شهرها الأخير من تاريخ الصلاحية .
تعودنا على من يطالبنا بشكر من لا يستحق ، و حمد من لم يعط و الثناء على من أخذ لأجلنا إن كان قد أخذ من النعم و لم يبذل في العطاء ما قد أوتي فالتحف الصمت و تنعم .
تعودنا على التصنيف ممن لم يصنف نفسه إن كان أخا بخيلا أم عدوا يحاصرنا مثل قطاع غزة ،سنوات في المعابر كلما اشتدت علينا نوائب الدهر و اغرورقت دموع مرضى القلب و الكلى على منافذهم بلا رحمة و لا تراحم .
تعودنا على الصمت ، من ذهولنا من رؤية اﻹخوة الأعراب كيف تنكروا لأخٍ كان مضيافا و كريما و ساذجا مسرافاً في المحبة و الطيبة حتى التخمة يا أيها المتاخم .
تعودنا على حكم اﻷراذل منا و سقينا الذل في زمن المهازل ، في الطوابير الطويلة من أمام مصلحة الجوازات شهوراً فلا عرفة يعرفنا و لا البواب يرحمنا و كذا محطات الوقود و المخابز و في المشافي حين يزورنا الأطباء من الشمال ، من بني وطني أو ماتبقى منه فنهرع إليهم بأجمعنا ، بعضنا حفاة و بعضنا عراة ، شيوخا و أطفالا و نساء ، كلنا مرضى من هول ما رأينا و كل بيوتنا عزاء و مآتم .
تعودنا على انقطاع الكهرباء ، في أوج صيامنا و حنحاط صيف الجنوب اللهيب . و حقد الناموس و رعب اللصوص ، و خيبة أمل الفلاحين و أرض تبور أمام أعينهم و لا حول و لا قوة إلا بالله و حسبنا الله نعم الوكيل .