أوصى تقرير برلماني فرنسي شركاء فرنسا الأوروبيين الانخراط في المبادرة التي تقودها دول جوار ليبيا في عملية المصالحة الليبية، وتوثيق المشاورات مع الجزائر ومصر وتونس، مؤكدًا في المقابل، وجود حاجة ملحة لإيجاد بنية للأمن القومي، تعطي مجالا للمشير خليفة حفتر في تركيبة عسكرية مقبولة من جميع الأطراف.
وتتألف بعثة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفرنسي إلى دول المغرب العربي الخمس، التي استغرق عملها ستة أشهر، من النائب عن الحزب الاشتراكي، جان غلافاني، والنائب عن الحركة من أجل الجمهورية، غي تيسيي إلى جانب نيكول أميلين، فرانسوا اسنسي، السيدة فاليري فورنيرو، فرانسوا روشبلوان وميشال فوسال.
واستهل التقرير البرلماني الذي نوقش بالجمعية الوطنية الفرنسية قبل أيام، تقديمه بالإشارة إلى عمر الأزمة في ليبيا، موضحًا بعد خمس سنوات من الانتفاضة الأولى في ليبيا وسقوط نظام معمر القذافي، ليبيا لا تزال تواجه التحديات السياسية والأمنية التي تثير قلقا خاصا، وحاليا، تنصب الاهتمامات على حل الأزمة السياسية و لإقامة سلطة مؤسسات.
ونوهت لجنة الشؤون الخارجية حسب التقرير الذي اطلعت «بوابة الوسط» على نسخة منه، بمواصلة فرنسا الدعوة إلى تسوية سياسية بين المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، واستئناف حوار حقيقي بينهما.
وتقترح البعثة من شركائها الأوروبيين أكثر المهتمين بالقضية، بما في ذلك إيطاليا وألمانيا، على الاشتراك في المبادرة التي يقودها جيران ليبيا في عملية المصالحة. قائلة إنه «من الضروري الحفاظ على مشاورات وثيقة مع الجزائر، تونس، مصر، حيث الأزمة الليبية هي مسألة حيوية، وعلاوة على ذلك، انتشار الإرهاب يهدد استقرار المنطقة، ولذلك من الضروري في هذا المجال تنسيق عمل فرنسا أيضا مع النيجر ونيجيريا وتشاد».
لكن استدرك التقرير البرلماني، أن انتصار دائم ضد الإرهاب يتطلب وحدة جميع القوى الليبية تحت سلطة مدنية للمجلس الرئاسي، وهناك ايضا حاجة ملحة لإيجاد بنية للأمن القومي تعطي مجالا لخليفة حفتر في تركيبة عسكرية مقبولة من جميع الأطراف.
وعلى الصعيد الأمني، أكد المصدر أن ليبيا أصبحت المسرح الرئيسي لتوسع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في شمال أفريقيا، ولكن أيضا لداعش خارج سوريا والعراق.
وأضاف التقرير أن مجموعات داعش ليبيا اليوم التي خرجت إلى العلن في نوفمبرعام 2014 في درنة وبنغازي وسرت، بحشد جزء من أنصار الشريعة والمقاتلين من بلاد الشام، يبدو أنه تم التغلب عليها.
ولكن العملية العسكرية التي قادتها قوات البنيان المرصوص والجيش الليبي، تسببت في تفرق مقاتلين داعش إلى عدة مناطق من طرابلس وفزان وبالقرب من الحدود التونسية والسودانية، ما يمثل زعزعة لاستقرار المناطق الحدودية لدول الجوار.
وبخصوص مسالة الهجرة، شدد التقرير ان عدم التحكم في أزمة الهجرة غير الشرعية مقلق مع إغلاق الطريق التركي، وقد صنفت ليبيا منذ أبريل عام 2016 أول بلد منشأ للمهاجرين إلى أوروبا. وخلال النصف الأول من عام 2016، وصل ما يقرب من 100 الف مهاجر الى السواحل الإيطالية، ومعظمهم من غامبيا، إريتريا ونيجيريا وغينيا، وأكثر من 2000 شخص فقدوا حياتهم من خلال اتخاذهم البحر الأبيض المتوسط للعبور الى الضفة الاخرى.
اقتصاديا، أكدت الجمعية الوطنية الفرنسية في تقرير بعثتها، أن انتعاش الاقتصاد الليبي يعتمد إلى حد كبير على إعادة تأهيل صناعة النفط. بعدما عانت المنشآت النفطية من الضرر الذي سيتطلب عملا كبيرا. ونظرا لحالة المرافق (من تلف وتقادم) فان الوقت اللازم لإعادة تأهيلها، وإعادة تشغيل القطاع يستغرق عدة أشهر.
لكن السياق السياسي يجعل من المستحيل تنفيذ الإصلاحات اللازمة لاستئناف النشاط الاقتصادي على حد قول البعثة الفرنسية. اذ يتمثل التحدي الرئيسي، في توحيد المؤسسات الرئيسية الاقتصادية (مصرف ليبيا المركزي وهيئة الاستثمار الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط).
وخلاصة عمل البعثة الفرنسية حول الوضع في المغرب العربي ستكون مثابة توصيات للرئيس الفرنسي المقبل، للتعاطي مع الأزمة الليبية، علما أن الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية ستكون في 23 من أبريل 2017.