- كتبت :: حواء عمر
- وأصْبَحَ قَلْبِي أرْمَلاً
- دائما للقدر كلمته الفاصلة فقد نخطط لحياتنا بطريقة ما،و فجأة تتغير كل الخطط و يحدث ما لم يكن متوقعا ، هذا ما حدث لوفاء بطلة قصتنا هذه المرة والتي فرض عليها الزواج من ابن عمها ، قصة وفاء هي مثال حي لواقع تعيشه الكثيرات في مجتمعنا ,ولكن هل ستكون نهاية قصتها سعيدة وهل سيطل الورد من غابة الشوك هذا ما سنعرفه في أحداث قصتنا التالية .
- أب مزواج وبيت مكثظ
- تقول “وفاء الثلاثينية الجميلة ” حاليا أقيم في بيت والدي بمدينة سبها في حي حديث اسمه حي ألهاني, أتقاضى مرتب الضمان المخصص للمطلقات وقد أرغمت قبل 4 سنوات على الزواج من ابن عمي عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية ، كان والدي مزواجا و لذلك كانت عائلتي كبيره جدا، كنا نعيش في ذات البيت ، كل أتنين أو ثلاث أخوة من أم مختلفة ,أما بالنسبة لأمي فقد طلقها والدي وأنا في الثالثة عمري طفلة لا أعي شيء
- في حجرتها المتواضعة استقبلتنا وفاء سرير فردي كوبين من القهوة الساخنة طاولة مستديرة عتيقة الصنع ، ونافذة كبيرة تطل على فسحة سماوية شديدة الزرقة يعانقها الشفق لحظة غروب صيفي .
- تستطر محدثنا ” كنت اعشق الدراسة جدا ,عكس اغلب فتيات جيلي اللاتي كانت أقصى أحلامهن الزواج ، واتسمت بشيء من العناد وقوة الشخصية ممل جعل أبي يعتمد عليا في كثير من الأمور كانت شخصيتي أقرب للذكور من كوني فتاة رقيقة !
- استقبلت خبر زفافي بالدموع والحسرة
- اختفت فجاءة ابتسامة وفاء الودودة لتواصل بصوت متهدج “فؤجئت حينما أتي أبي ليخبرني بموعد زواجي من أبن عمي ” دون أن يسألني عن رأي بالخصوص ، حاولت كثيرا أن أرفض ولكن دون جدوه ” فاستقبلت خبر زفافي بالدموع و الحسرة.، كانت أصعب أيام حياتي تلك الفترة ,حاولت المقاومة فعزفت عن كل شيء ,حتى الأكل ,والحديث مع أقرب الصديقات ,وأخواتي في البيت .”لأنني صدمت بالفعل ” .
- طردني أبي واستودت الحياة في وجهي
- تسترسل بحزن : بات كل تفكري يدور حول الحياة التي سأعيشها معه ، تلك الحياة التي لا أدراك ابسط معالمها ,و كل هذا التفكير يثير جنوني ويزيدوا من قلقي,وخوفي ، فما خفي أعظم ، قررت المواجهة “أتيت إلى أبي حاولت مناقشته لكن محاولاتي ذهبت هباء منثور ، ,فهو لم يعرني أي اهتمام ,بل قام بطردي ، أبي كان شخص صعب المراس و من الصعب جدا النقاش معه و إقناعه بأمر ما ,شعرت حينها أن الحياة قد أسودت في وجهي ولا مفر من هذا الزواج، قضيت تلك الليلة أبكي حتى ابتلت وسادتي بالدموع خفية عن الآخرين .
- كئيبة عبأتها الكحلية اللون ، ووشاحها الأسود المطرز بخيوط الفضة الدقيقة ، ضئيلة بدأت محدثنا في هيئتها، تظهر أصغر بسنوات من عمرها الحقيقي ، لتواصل سرد حكايتها , كنت أتسأل حينها وفي كل لحظة ، عن هذا الرجل الذي سيصبح زوجي وعن طابع الحياة التي سأعيشها معه هل سأعتادها, وهل سيسمح لي بأن أكمل دراستي , أشياء عديدة داهمت عقلي وكنت أطمح أن أجد و لو ثغرة صغيرة لإنهاء هذا الزواج وليس عرقلته فقط .
- كانت أرادة الله أقوي من كل طموحات
- تضيف وفاء : مرت فترة ما قبل الزفاف بصعوبة , و تزوجنا ، كنت لا أعرف أبن عمي جيدا ولا ألتقي بيه إلا في المناسبات العائلية النادرة , فلذا كنت أشعر بأنه شخص غريب عني كنت أخافه جدا في البداية ،غير أن ذلك لم يدوم طويلا ،فشخصيته و طريقة تعامله معي غيرت كل أفكاري ومشاعري اتجاهه ” بل أختلفت مع مسارا أفكاري كليا ” .
- تهللت اسارير وفاء وهي تقول دللني كطفلتها الصغيرة ، أخجلني بلطفه أغدق عليا كل الحب والحنان الذي لم اعرفه يوما حتى نسيت هول ما عانيت قبل الزواج ، وعشت السعادة حقا وضمدت كل جروحي، ولكن من يدري متى تعصف به الحياة لتغيره من حال إلى أخر , وتنزع من كل جميل دون سابق إنذار.
- صدمة غيرت واقعي الجميل
- بهمس كسير تستمر محدثتنا في سرد تفاصيل حكايته بعد زواجي بعامين وعلى تمام الرابعة مساءا ،سمعت صوت ضجة عند باب غرفتي ,لأول مرة ومن خلف بابي الموارب أرى زوجي رفقة أربع دخلوا ( المربوعة ) وبدأ صوت ضحكاتهم مريبة تسللت على أطراف أصابعي بعد أن امتلاء منزلنا الصغير برائحة غريبة عرفت فيما بعد انها رائحة ( حشيش ) فشقتي كانت صغير للغاية امتلاء المكان برائحة الدخان و لم أحتمل قوة تلك الروائح الغريبة، صدمت مما رأيت وبقيت مختبئة أختلس النظر لفترة من الزمن ، بعد هذا الموقف شعرت بالرعب فقررت أن أخبر أخاه الكبير بكل ما حدث، و بالفعل ذهبت إلى منزل عمي واخبرت ” سلفي ” بما رأيت .
- زوجي مدمن يعاقر الكحول
- حينما اعتقدت بأن الحياة باتت جميلة و أن السعادة صار ملك يميني مع زوجي المحب أختلف كل شيء وصدمت بالواقع المرير حينما اكتشفت بعد فترة من تلك الحادثة بأن زوجي كان يدمن “شرب الكحول ” رغما أن حياتي كانت جميلة جدا ,ولكن كل شيء تغير بعد معرفتي لهذه الحقيقة القاسية ، و بدأت حينها أسأل نفسي, يا تري ماذا سأفعل ؟ وكيف لم أكتشف الأمر منذ البدء ، وحمدت ربي أنني لم أرزق بطفل منه ، في البداية شعرت بعاصفة تحطم قدرتي فلم أتحتمل, قررت أن أترك المنزل وأذهب إلي بيت أهلي , فلم يكن بوسعي البقاء معه بعد أن خدعني ، و لكني ترددت قليلا وتحدث معي نفسي طويلا ,لكي أعثر علي الحل المناسب .
- خيم السكون على جلستنا ، وسرحت محدثتي بعيدا, استغرقت بضعة لحظات ,و من خلال حديثها تناهت إلى مسمعي قالت تذكرت قوتي وشخصيتي الصارمة فأكدت لنفسي لن أقبل بهذا الضعف ابدأ لن الجأ لحد فهذا زوجي وهذه مشاكلي ولا يستطيع احد غيري حلها ,سوف أتكتم على هذا الأمر,ولن أشارك وجعي مع أحد على الإطلاق.
- حاولت التعايش مع وضعي الجديد
- أشارت “كنت أداري حالته بعد الفقدان ” حاولت التعايش مع وضعي الجديد ، واجهت زوجي تحدثنا كثيرا تشاجرنا و كان في كل مرة يعدني بأنه سيتوقف عن الشرب, و لكن سريعا ما يعود إلي هذه العادة البائسة وظللت أعيش على هذه الوعود , تطور الأمر وصار زوجي ينام خارج المنزل تهربا من أسئلتي وملاماتي , ليتفادى غضبي منه , و كثيرا ما كان يعود إلي وهو في حالة سكره تامة , في بعض الأحيان كان ينوح ويشتكي من ضعفه ,وغالبا ما يتفوه بأشياء وكلمات لم أفهمها ابد علها من أثر السكر .
- فجأة أجهشت وفاء بالبكاء وانهارت لتكمل من خلف دموعها ، كنت أنصت إليه دون أن أتفوه بأي كلمة ، و بعد أن يهدأ اسحبه للحمام, أضعه تحت الدش حتى يستعيد شيء من وعيه ، ثم وأقوم بتغير ملابسه , و احضر له القهوة, لكي يشربها ثم أذهب به إلى الفراش, وأجلس بجانبه إلي أن ينام ، صبرت علي هذا الوضع, وأمسيت أخفي كل شيء عن أهلي, ولكن اتضحت المأساة التي أعيشها على ملامحي, ,أصبح وجهي شاحبا تلاشت نظارتي واختفت ملامحي خلف وجعي الظاهر على محياي و بطبيعة الحال ، وأصبحت في كل زيارة إلى أسرتي وبالأخص في ” لمت العائلة ” يوم الجمعة أتلقى العديد من الأسئلة ( ماذا حل بك , ولماذا أصبحت هكذا ، أين جمالك , أين أناقتك واهتمامك ، وأين زوجك ,ولماذا لم يأتي معك ……….وهكذا
- انفضح سري وهتك المستور
- تواصل وفاء : بشيء من الهدوء كثيرا ما أخترع الأعذار و الحجج,لأخفي الحقيقة ، فقط من أجل أن أحمي زواجي , ولكن لم أنجح و كما يقولون ( ذاب الثلج وبان المرج) كنت في منزلي وكان ذلك اليوم يصادف الثامن عشر من شهر رمضان المبارك ، لم يكن زوجي ينام بالمنزل منذ أيام .
- وتوقعت أنه الطارق توجهت نحو الباب لفتحه ’ لاتفاجئ بابي يقف عند بابي ، رمقته حينها بنظرة استغراب وبقيت واقفة ,وقلت أبي ……ظل ينظر إلي وكأنه يبحث عن شيء ما وسط عيناي .
- وقال ” ما تبي تشوفي باتك يا بنت” أجبته لا لا تفضل يا باتي كيف حالك مع الصيام ، قاطعني بنبرة غضب أين زوجك .
- وكأنه يعلم تماما أنه لم ينام معي منذ عشرة أيام مضت ، وأجبت أنه في العمل يا أبي ، نظره إلي شرزا ليقول ، أنت تكذيب ، كنت أريد أن أدافع عن نفسي وعن زوجي ,ولم يفصح أبي لي المجال ,حتى أنه صرخ في وجهي ,قائلا لماذا تكذبين,وتتسترين على أفعال زوجك كل هذه الفترة حينها لم أجد ما أجيبه به إلا الصمت,وواصل أبي هيا أجمعي كل أغراضك لن تبقي بعد اليوم معه , ولن يراك بعد الآن أبد ، أخدني أبي بالقوة دون علم زوجي ,وأجبرت على ترك منزلي.
- نهاية مؤلمة
- صمتت لبرهة ودعتنا لارتشاف القهوة التي ذهبت سخونتها فصارت باردة وقد قارب الليل على إسدال ستاره لتكمل حديثها ، لم يكن بقائي في بيت أهلي حلا، فمهما كان زوجي يحمل من صفات سيئة ,فأن كنت أشعر بمعني الحنان والحب معه, وحتى أنه كان يعاملني برفق كالطفلة ،كان يفعل أشياء كثير من أجلي ، وكثيرا ما كنت أوبخه من أجل أبسط أشياء ربما أشياء لا تسوى, و كان بالرغم من ذلك يأتي ويصالحني ، وكان كثير ما يتوسل إلي كالأطفال كي لا أغضب منه ، و عندما يتعكر مزاجي يبتكر ما يضحكني ويعيد صفوتي ، كان يفعل الكثير من أجلي . لا
- لتضيف : حاول زوجي مع أبي لكي نعود إلي بيتنا ، ولكنه لم ينجح في ذلك ، وأجبر أبي زوجي على تطليقي كما أجبرني ذات يوم على الزواج منه فمرض زوجي مرضا شديد ، أصبح عليل لفترات طويلة ، ، و بالرغم من فشله في إقناع أهلي لنعود ,إلا أننا ظللت على تواصل معه عبر الهاتف ، سافر زوجي من أجل العلاج فكان مريضا ب(السيولة في الدم )، وللأسف ازداد مرضه وتردى وضعه ، .وفي أخر مكالمة بيننا اخبرني أنه يشتاق إلي جدا و أنه يتمنى كثيرا أن يراني وهذه كانت أخر أمنياته ، استغربت حينها الطريقة التي يتحدث بها ، توسلت له كثيرا أن يكون أقوى وأن لا يتحدث عن الموت ، كان حديثه قبل دخوله لغرفة العمليات بسويعات فقط ولكن على ما يبدو كان الموت قدر محتوما ، أغلقت الخط بعد أن تحدث إليه ، ولم تمر سواء بضع ساعات حتى تلقيت خبر وفاته ، صدمت جدا ، ولم أصدق ما سمعته في تلك اللحظات هكذا انتهى كل شيء ، وترمل قلبي الذي لم يعشق سواه .
المشاهدات : 2٬373