د : سالم الهمالي
على أعتاب الذكرى الحادية عشرة لسقوط نظام سبتمبر، لايزال الليبيون في حالة عجز وعقم عن إنتاج حل لأزمة بلادهم، انقسام رأسي يدمر البلاد ويفقر العباد، بدون أي إشارة أو ضوء في نهاية النفق المظلم. بلاد فعليا بدون حكومة، بالرغم من وجود حكومتين على أرض الواقع، من يملك المال لا يمتلك القوة، ومن يمتلك القوة لا يمتلك المال، فكانت النتيجة أن يضيع المال نهبًا وإهدارا، والقوة في صراع داخلي يطحن الليبيين. البلاد في حالة من الضعف، بالغة في الهوان، يتحكم فِي سياستها سفراء وقناصل يسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها، يلتقون بمن شاؤوا وكيف أرادوا، يرفسون البازين ويشربون الشاهي ويأكلون البريوش، مستهترين بأقل مستوى من الأعراف والقوانين الدبلوماسية المعروفة في العالم، لأنهم وجدوا أنفسهم محل ترحيب من أطراف متصارعة، يسعى كل طرف فيها أن تكون له حظوة عند من يرونهم أسياد ليبيا الجدد. ما يحدث في ليبيا ليس صراعا بين الليبيين، بل هو أقرب أن يكون صراعات المنطقة والدول الأجنبية حول أهدافها ومصالحها، بأياد ليبية وعلى أرضهم كذلك. شخصيات بدون خبرة عملية ولا أكاديمية أصبحوا قادة، تحت شعار (الثورة، والثورة المضادة)، لنهب ليبيا والتفريط في سيادتها، يتنقلون بين العواصم في اجتماعات ومؤتمرات أعدت بياناتها ومخرجاتها قبل أن يحضروا، بل منهم من يساوم بالمال على مواقف فاصلة تحدد مصير الوطن وأهله. دول أجنبية تحرص على الاستقرار في بلدانها وبين فئات شعوبها، تقدم الدعم لمن تسميهم مكونات ليبيا لأجل تفتيتها، وأخرى لا تعرف للديمقراطية وسيادة القانون سطرًا في تاريخها أصبحت تدعو لانتخابات ديمقراطية في ليبيا وتشترط اتفاقا على شيء لن يتفق عليه الليبيون ما دامت هذه الدول تتدخل في شؤونهم حتى بعد عقود من الزمن
أخشى ما أخشاه أن تدخل البلاد في جولة أخرى من الصراع الدموي العنيف، بتأجيج ممن تعرفونهم جيدًا، فيها يقتل الليبي أخاه الليبي، تحت شعارات الوطنية والدين، وكأنهم لم يتعلموا شيئا من حروب متعددة لأكثر من عقد من الزمن، لم تستثني بقعة من تراب ليبيا إلا وتركت فيها الأرامل والأيتام والفقر والعازة. نحن في أشد الحاجة لمن يجمع القلوب ويوحد المواقف، وليس لمن يفرقها تحت أي حجة أو شعار.