كتب :: إسماعيل العارف المرناقي
أنا أحمد صديق الجميع أعيش في بستان ولي عائلة أمي و والدي وأختي وأخي وجدي وجدتي أنا أكبر إخوتي عمري ستة عشر عاماً لي أعمام وعمات وأخوال وخالات وجيران وأصدقاء كنت شاباً مميزاً أدرس في الصف الثاني الثانوي وانتقلت إلى الصف الثالث الثانوي بتقدير ممتاز كان لوالدي أغنام كنت أرعاها عند أوقات فراغي وكذلك كنت أساعد والدي في عمل المزرعة فما كان ينقصني شيء فكان والدي يوفر لي كل متطلباتي كنت خفيف الدم بشوش الوجه وسيم الملامح وفي ذات يوم ذهبت إلى رحلة مدرسية فتوجه بنا سائق الباص إلى أحد المناطق والمناظر الطبيعية في بلادنا فعندما وصلنا المكان المطلوب انبهرت بمنظر هذا المكان فكان شيئاً جميلاً وبعد أن تعمقنا في الصحراء وإذا به جبل يزهوه بساط أخضر وبحر نقي لا تلوث به وفي حينها ورغم صغر عمري اختلط في ذهني الواقع والخيال فأصبحت أنظم أفكاري فيما بين أحلام وأمنيات فتخيلت نفسي مهندسا يبني العمارات فيقترحون علي بناء مبنى أو فندق في هذا المكان فأنظر ذلك المبنى الجميل والذي قد نظرته عبر صفحات القوقل وهو مبنى ليس مكلفا ولكنه جميل وأضعه في هذا المكان وفي مكانه المطلوب يا لا مخيلتي و واقع هذا المكان وبعد أن أخرج من خيالي يعيدني هذا المنظر الخلاب إلى الخيال من جديد فأنظر نفسي أقدم مقص الافتتاح إلى وزير السياحة ليقص شريط افتتاح هذا الفندق والجمهور يصفق لي ولوزير السياحة لاختياره لي في هذه المهمة الناجحة بكل المعايير التلفزيون يصور وأنا بوجهي البشوش أبتسم يا لا مخيلتي كنت صادقاً في أحلامي والطبيعة كانت أصدق مني في جمالها فأستيقظ ومن جديد يتجه نظري إلى مكان آخر إلى تلك الجهة الأخرى التي لم أنظرها من قبل فبسرعة أعود إلى مخيلتي هذه المرة كنت ضيف شرف على حساب هذا الفندق في ذكرى افتتاحه وإذا به يعج بالسياح وأنا أجلس في صالة الاستقبال وإذا بسفير دولة أجنبية ومدير الفندق يجلسان بجانبي فإذا بمدير الفندق ينظر لي نظرة ومن خلالها وقف واتجه نحوي يقول لي باش مهندس أحمد مرحبا بك ويأخذ بيدي ويتجه بي صوب السفير ويقول له نعم سيادة السفير هذا المهندس من منحك فرصة الجلوس في هذا المكان الخلاب الذي قد سمعت به وأنت في بلادك فوقف السفير احتراماً لي لأنه سفير دولة تحترم الجمال والنظام فكانت سعادتي لا توصف و فجأة وإذا بالأستاذ المشرف على الرحلة أحمد أحمد الإفطار جاهز ويا ليته لم يوقظني فالأكل ما عاد يعني لي شيئاً ولكني استيقظت من خيالي ولبيت نداء الأستاذ وجلست مع الأستاذ أنا ومجموعة الطلبة الرفاق لي في هذه الرحلة أجهزنا على الإفطار بكل شراهة وجلسنا نحتسي الشاي الذي لم أذق طعمه من قبل وتحدثنا عن جمال بلادنا وقلة الاستثمار فيها وأخذ مني الوقت ما أخذه عن حديثي وحديث المجموعة عن المقالب في أثناء طريقنا إلى هذا المكان ضحكنا كثيراً ولعبنا كرة القدم جلست مرهقا وانصرف الأستاذ لتجهيز الغداء وذهبت أنا إلى وحدتي أتمشى فإذا بي في مكان آخر مرتفع أسفل قدمي منبسط يطل على البحر وجدت صخرة وكأنها فصلت على مقاس كرسي أجلس عليه بالفعل جلست وأصبحت أنظر بعيدا بعيدا حتى ابتعد بصري فما عدت أسيطر عليه حتى دخل في الخيال من جديد فكنت هذه المرة كذلك مهندسا لأن طموحي أن أدرس الهندسة فإذا بمحافظ هذه المحافظة يجلس بجانبي فلم يكن يصعب علي في الخيال أن أجعل له صخرة أخرى يجلس عليها بجانبي فجلس بجانبي ويقول لي باش مهندس أحمد السلام عليكم أنا المحافظ ومن بعد اجتماعي أنا وعمداء البلديات قررنا ولما سمعناه عنك من نشاط وطموح ومهنية وذكاء أن تكون مشرفاً على إنجاز مشروع ملعب رياضي في هذه المحافظة فنظرت له وقلت هل تستطيعون توفير كل متطلباتي وأن تقبلوا إضافاتي قال نعم فقلت له إذاً على بركة الله فأنا موافق وعيني على تلك المساحة الخضراء المطلة على البحر فعدت إلى البيت و لأجهز لهم مشروعاً متكاملاً بعد أن تغيبت عنهم مدة ثلاثة شهور وأنا أدرس ما يمكنه أن يكون من ملاعب في هذه المحافظة الساحرة بجمالها ركبت سيارتي بعد تنسيق مع المحافظ عبر الهاتف بأن موعد اللقاء سيكون هذا اليوم وصلت مبنى المحافظة فوجدت الجميع ينتظر بتشوق ودخلنا إلى صالة الاجتماعات المجهزة بأحدث الوسائل وشرحت لهم عما يجب أن يكون وما يتناسب مع هذه المحافظة فكانت فكرتي إنشاء ملعب قولف مرفق بمجموعة من القرى السياحية ومجموعة فلل تطل على البحر ومجموعة قصور على الارتفاع الذي جلست به أنا والمحافظ عند اللقاء أول مرة فأعجب الجميع بالفكرة وبدأنا التنفيذ وبعد عام من العمل الدؤوب والتعاون الملحوظ فيما بين الجميع استطعنا إنشاء هذا المنتجع الرياضي السياحي فكان حفل الافتتاح فإذا بالمحافظ يستدعي رئيس الوزراء فيلبي المجيء وأحضر معه رئيس دولة أجنبية متقدمة كان يزور بلادنا فالغريب أن هذا الرئيس انبهر بجمال المكان وفخامته رغم أن زيارته كانت قصيرة إلا أنه قرر البقاء مدة يومين في هذا المنتجع للعب القولف فإذا بها كانت دعاية لم نتوقعها فإذا برؤوس الأموال والأمراء يزرون هذا المنتجع الذي لم نتوقع نحن من قمنا به أن يصل إلى هذا النجاح .آه آه الأستاذ أحمد أحمد فخرجت أنا من مخيلتي وذهبت إلى الغداء وبعد الغداء فإذا بمجموعة مسلحة تبحث عن مجموعة أخرى لها معها حسابات تقتحم علينا جلستنا وطلبوا منا المغادرة بالفعل حزمنا أمتعتنا و ارتحلنا عن هذا المكان الجميل الذي كان له وقع في نفسي وترك لي في قلبي طموحا من فولاذ لا يلين إلى أن أحققه عدنا إلى مدينتنا وعدت أنا إلى منزلي فثابرت أكثر ودرست حتى انتفخت عيناي من جسدي من السهر بين مذكراتي كنت مصمما رغم الظروف الصعبة أن أتخرج من كلية الهندسة فلعلّ الحال يستقيم لهذه الدولة حينما أتخرج من كلية الهندسة نعم ها هي نتيجة الشهادة الثانوية الراديو يعلن النتيجة فكنت الأول على مدارس المدينة فإذا بابن الجيران هو كذلك يتخرج من الشهادة الثانوية الرصاص يطلق عشوائيا فإذا بالرصاصة تخترق حائط المنزل فخرجت مسرع لا إله إلا الله الرصاصة الأخرى في ساقي والثالثة في يدي حينها أغمي علي وانطلقوا بي مسرعين إلى المستشفى المهجور
لم يستطيعوا إلا إخراج الرصاصات ها أنا اليوم في إعاقة شلل نصفي ويد ترتعش وذهبت أحلامي في مهب الريح ولم يبقَ لي إلا اعتذار الجيران فلم تكن الرصاصة مقصودة.