بقلم :: ميلاد منصور الحصادى
عبد الحكيم عامر الطويل شخصية ثقافية ليبية ..عشق نوافذ هذا الوطن المشرعة على أفاق الحضارات ، فحث الخطى على كل الدروب من اجل أن يصل الى عبق الحقيقة والى رائحة واحدة لوطن مرت على أرضه وسكنته كل أجناس الدنيا، فتركت فيه عبقا لا تخطئه العين وتحسه الأذن وترسمه الأنوف ، وطن عجنته كل أحلام الحياة ، منذ التحنو والمشواش والوندال ، غالى الإغريق والفنقيين والرومان ، الى العرب والامازيغ الى كل طوائف الدنيا ، فتشكل وطنا نرسم على رماله تلك الكلمة (ليبيا) و من اجل ليبيا وطنا و عشقا وسكنا وأحلاما ، كتب عبد الحكيم الطويل أولى كلماته ،وسافر في غياهب هذا الوطن ، فتش فى تاريخه ،بحث عن الذى يختبئ تحت الرمال وخلف النوافذ ، بحث فى الصناديق وبين الأوراق ليخرج لنا ما اختبأ او ما أرادو ان يخبئوه …نفض الغبار عن معالم وسرد حكايات عن اماكن وبكى ألما وهو يرى أطلالا كانت لتكون مرجعا ومكسبا ورمزا ولكنها أصبحت نسيا منسيا ، لقد حاول هذا المهندس النووى ، والذى بدأ اولى خطواته بكتاب علمي شائق وجميل ازاح الكثير من المفاهيم الخاطئة وعرف أهم ما صبغ قرننا الماضي والحالي وعانينا منه ومازالنا نعاني أنها (الطاقة النووية)، فكان كتابه ((اتصدق… الطاقة النووية فى بيتك )) والذى قسمه الى مجموعة من المقالات تستطيع ان تقرأها منفصلة ، او تقرأ الكتاب دفعة واحدة ، كتاب وضح وأبان بأسلوب مبسط وشيق استعمالات الطاقة النووية فى السلم واهم مايمكن تحقيقه بها واستعمالاتها فى حياتنا اليومية المعاصرة ، كتاب أتمنى من الخبراء والذين يضعون مناهج التعليم الاعدادى والثانوي ان يقتبسوا من هذا الكتاب بعض الفقرات لتوضح للجيل الناشئ أهمية الطاقة النووية واوجه استعمالها.فى الصناعة والزراعة وحماية البيئة وغيرها ، محطته الثانية كان مجلده الضخم بعنوان((خفايا جديدة مثيرة تكشفها مقبرة طرابلس البروستانتية)) منشورات مركز جهاد الليبين عام 2008 م تحدث فيه عن ما تحتويه هذه المقبرة من قبور وعن المدفونين بها وكذب ادعاءات النظام السابق بأنها مقبرة الغزاة الأمريكان ، وقد افتتحت المقبرة عام 1830 م حتى آخر عملية دفن تمت فيها عام 1917 م ، وهذا الكتاب ليس تاريخ لهذه المقبرة وساكنيها ، بل هو أيضا إعادة اكتشاف وتسليط الضوء عن فترة من تاريخ طرابلس خاصة وليبيا عامة ،فى أواخر العهد القرمانلي واوائل العهد العثماني الثاني ، وقدم خلفية شاملة عن الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لطرابلس ، وتحدث عن كثير من قناصل وجواسيس وتجار وعسكري الدول الغربية ، لقد كان هذا الكتاب ثمرة جهد وعمل امتد أثنتا عشرة سنة وجاء موثقا بالصور والإحصائيات والأسماء والأماكن والأعلام ، اما محطته الأخرى فهي مجموعة قصصية تنتمي الى قصص الخيال العلمي بعنوان (مشكلة إيمانية ) أصدرها مجلس الثقافة العام سنة 2006 م وهى تكاد تكون أول عمل قصصي او روائي فى مجال الخيال العلمي فى الأدب الليبي لو استثنيا كتاب الأديب الليبي { يوسف القويرى ) (مذكرات رجل لم يولد ) وهى محاولة جريئة لاقتحام أدب الخيال العلمي والذى نعاني من نقص شديد فيه فى أدبنا العربي القديم والحديث ، ام آخر كتاب اطلعت عليه فهو كتابه (حجر الرجبان ) الصادر عن مجلة شؤون ثقافية عام 2011 م وهذا الكتاب يتحدث فيه عن الرجبان مدينة وحضارة وأثار وهو كتاب يندرج ضمن أدب الرحلات وقد رصد فيه الكثير من أثار هذه المدينة والمناطق المجاورة وأعطى صورة لكثير من الأماكن التى لم نعرفها بل ولم نسمع او نقرأ عنها من قبل ، عبد الحكيم عامر الطويل عاشق من بلادي أحب هذه الأرض بكل ما فيها فساح فى ربوعها يحمل عدسته وقلمه يوثق وينشر ويصور …يزيح الأتربة وينفض الغبار عن الكثير من الكنوز ..عشق طرابلس القديمة فوثق الكثير من معالمها ولعلي لا أنسى محاضرته الرائعة التى ألقاها فى مدينة درنه ببيت درنه الثقافي بعنوان (السيف الليبي الذى يرتديه ضباط المارينز اليوم )يوم 14/6/2005 تحية للمهندس والمؤرخ والمصور عبد الحكيم عامر الطويل الذى سرقه التاريخ وطرابلس القديمة والأدب من الهندسة النووية ليقدم لنا روائع وأسرار نحن فى أمس الحاجة لمعرفته