يحي سلامة
تعودنا مع إطلالة شهر رمضان المبارك الحديث عن الماراثون الدرامي الرمضاني وسباق المسلسلات والبرامج الرمضانية مع الزمن ومع النجوم ومع المشاهدين ومع القنوات الفضائية وربما مع ما لا نعلم من أصناف البشر والحجر لتحقيق اعلي نسبة مشاهدة وتصدر التريندات وبالطبع يقف وراء هذه الأعمال الدرامية شركات إنتاج وهيئات حكومية وغير حكومية تضخ الملايين وربما المليارات من الدولارات في بعض الأحيان هذا فضلا عما يتم ضخه من أموال للصرف علي اعلانات الكومباوندات وإعلانات توصيل المياه وتوصيل الطعام والمستشفيات الخ .
وبعيدا عن جلد الذات واجترار الأحزان لخروج الدراما العربية مجتمعةمن المنافسة وتراجعها أمام تألق وتوهج الدراما التركية (ممثلة في ارطغرل وعثمان المؤسس )والدراما الإيرانية والحديث هنا حديث فني مهني ولا علاقة له بأيدلوجيا أو اتجاه سياسي أو مذهب ديني .
والحقيقة اني لا أدعي الوصاية أو التنظير ولكن فقط استدعي تجربة المخرج الراحل الأمريكي السوري الأصل مصطفي العقاد الذي قدم فيلم (عمر المختار )عام 1981 كفيلم عالمي واستطاع أن يقدم النجم العالمي الراحل (أنتوني كوين )في دور عمر المختار المجاهد الليبي ضد الاستعمار الايطالي لليبيا في مطلع القرن الماضي وقاسمته البطولة النجمة اليونانية العالمية ايرين باباس في دور (مبروكة )وغيرهم من نجوم هوليوود والسينما العالمية .
لأقول أن تلك الجهات والهيئات الممولة للأعمال الدرامية وبرامج المقالب السخيفة قادرة علي إعادة تجربة العقاد لو أنها تعاقدت مع طاقم فني عالمي (سيناريست ومخرج ومدير تصوير وطاقم تمثيل )لتقديم فيلم أو عمل درامي عن شخصية إسلامية أو حدث ما من أحداث التاريخ الإسلامي او العربي وأظن أن مسيرة 14 قرن من الإسلام منذ البعثة النبوية الشريفة حتي اليوم تحتوي علي العديد من الأحداث والشخصيات التي تصلح لتقديم عشرات الأعمال الدرامية عنها .
وبمنطق الإنتاج السينمائي والدرامي فمثل هذا العمل مهما بلغت تكلفته المالية إلا أنه سيغطي تلك التكلفة ويحقق هامش ربح كبير في الوقت نفسه عن طريق التسويق والبيع لمنصات المشاهدات علي الانترنت وكذلك دور السينما العالمية والقنوات الفضائية.
والأهم من ذلك كله هو مخاطبة الجمهور الغربي وتقديم صورة واضحة غير مغلوطة وغير مشوشة عن الإسلام وعن العروبة كتلك التي قدمها العقاد في فيلمه عن عمر المختار وأظن أن هذه الصورة هي الرد العملي المناسب علي افتراءات الآلة الإعلامية الغربية الصهيوأمريكية والتي تشوه الاسلام والعرب وتلصق الإرهاب والتطرف بالإسلام وتصف العرب بالتخلف والهمجية وتعمق من احساس الاسلاموفوبيا لدي المواطن الغربي العادي الذي يستقي معلوماته من وسائل الإعلام المحلية لديه والتي تتمتع بثقته واحترامه .
وفي الأخير ان عملا مثل هذا أراه من وجهة نظري المتواضعة بديلا مفيدا وحيويا عن مؤتمرات حوار الأديان والوفود الدبلوماسية المتعانقة أمام الكاميرات والمقالات العنترية التي نخاطب بها أنفسنا في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ولا يدري بها أحد من المعنيين بها لجهلهم باللغة العربية وجهلهم بمن يكتب أصلا مهما كانت شهرته وذيوع صيته .
وسواء اتفقنا أو اختلفنا فالدراما منذ تعريف أرسطو لها في كتابه (فن الشعر )في القرن الرابع قبل الميلاد وحتي اليوم لها التأثير القوي والفعال علي المشاهد والمتلقي أكثر بمراحل بل وربما لها التأثير الوحيد أكثر من الخطب والكتابات والمؤلفات الفكرية والفلسفية والمقالات السياسية.