سالم أبوظهير
فزان هذا الإقليم الجنوبي النائم في أحضان الرمال، والذي يربط جنوب بلادنا بشمالها ، وتحسب له أوروبا ألف حساب ، لأنه الرابط الأهم والأخطر لطريق وقوافل المهاجرين ، التي تنطلق من الجنوب الأفريقي الفقير ، قاصدة قوارب البحر المتوسط ، لتدخل أوروبا تسللاً وبطرق غير شرعية. مشاكل فزان متعددة، وأزماته متكررة ، ومعظم هذه المشاكل والأزمات ليست من صنع فزازنته . فرغم أن أرضه زاخرة بثروات طبيعية يصعب حصرها ، وثروات بشرية شابة ، لكن أبرز مشاكلة مشكلة ركود الاقتصاد القانوني الذي تديره وتشرف عليه الدولة الليبية ،و سببه غيابها شبه الكامل ، فلو تم ضخ الأموال اللازمة ، وبقيت هذه الأموال تحت سلطة أهل فزان المشهود لهم بحب الوطن والنزاهة ونظافة اليد ، لتمكنت هذه المؤسسات من إنعاش حركة التبادل التجاري عبر توفير السلع الضرورية الأساسية المدعومة للمواطن في الجنوب، وفتح مشاريع للشباب ، فيتم بذلك قطع الطريق أمام انتعاش وازدهار الاقتصاد غير القانوني الذي ينمو و ينتعش ويزدهر في فزان . الغياب شبه الكامل لسلطة الدولة المركزية في فزان ، أنتج بالضرورة وجود بديل لسلطة أقوى من سلطة الدولة الغائبة ، سلطة تستند على ثالوث البندقية والقبيلة والإثنية ، ومهمة هذا الثالوث الرئيسية حماية الفوضى ،وتوفير المناخ الملائم لضمان استمرارها ، ليتم تلقائيا السيطرة شبه الكاملة على الإقليم ، ثالوث شر مهمته حماية ودعم عصابات تهريب البشر والذهب والنفط والسلاح والمخدرات. ثالوث فساد يسيطر على فزان ، وفتح المجال أمام تدخل قوىً خارجية، وتنظيمات جهادية ، وسرايا مرتزقة ، استغلت الفوضى القائمة وعاثت في الأرض فسادا . الآن وبعد أن توقفت الحرب واستقرت الأمور ، فالفرصة مواتية للحكومة الوطنية الجديدة ، أن تنظر بعين كاملة للجنوب الليبي كله ولفزان بشكل خاص وتعول عليها فاستقرار ليبيا يبدأ من هناك . على الحكومة أن تلقي بأوراقها كاملة ،وعليها أن تبحث عن أقصر الطرق للوصول لقلوب (الفزازنة) إن صحت التسمية ، وتعمل جهدها كله لتحقيق الأمن والاستقرار ، وتشرع في تنفيذ خطط إعادة الإعمار، وتلتمس أسهل وأسرع وأنجع الطرق لتحسين أحوال المعيشة ، وتفتح الطريق أمام عودة شركات النفط ، وتخصص الأموال للنهوض بالمشاريع الزراعية العملاقة التي توقفت ، وهذا سيفتح المجال واسعا لتوظيف الآلاف ،وستقطع الطريق تدريجيا أمام هيمنة ثالوث الفساد. يمكن أن تكون الحكومة الوطنية، محضر خير فتحقق المصالحة الوطنية في الجنوب بجمعها على طاولة واحدة زعماء القبائل ، مع زعماء المليشيات وزعماء الثوار وزعماء الجيش ، وكل من يرغب في بناء فزان ولتكون فزان المحطة الأولى التي ستنطلق منها قاطرة التسامح والأمن والأمان لتعم أرجاء ليبيا .. لم لا فحضورك وفخامة اسمك يكفي يا فزان .