المبروك نغماشة
تظل الثقافة أهم شيء في حياة المجتمعات الحديثة ،أينما كانت في الكثير من دول العالم، فالمكتبات هي التي يستمد منها القارئ معلوماته ويكسب خبرته من خلال اطلاعه على بعض الكتب والمجلدات والوثائق، وهي تعتبر المكان الملائم لتجمع عدد كبير من القُراء والمهتمين بالثقافة بصفة عامة وتعتبر المكتبات هي الوسيلة التي يتحصل فيها المتلقي على كمّ كبير من مختلف المعلومات ونقلها من جيل إلى جيل ومن مكان إلى آخر سواء عن طريق المصادر المكتوبة والتي كتبت في داووين أو ماتم تداوله من روايات وقصص شفهية نقلت عن طريق النقل الشفاهي، والتدوين، إن عملية التدوين لتلك المطبوعات لم يكن بالأمر السهل في الوقت الحالي بل صار الأمر في غاية الصعوبة حيث يحتاج إلى مواد من كُتاب وناشرين، وأدوات أخرى مثل آلات الطباعة وفريق كبير من المحررين أو الذين يقومون بعملية نقل تلك المعلومات التاريخية إلى كتب مطبوعة كي تنشر في الأسواق وتعمل لها الدولة مكتبات للناشئين والمهتمين بالقراءة لكي ينهلوا من مصادر المعرفة المختلفة، وقد بذل الكثيرون ممن اهتموا بهذا الجانب وأنفقوا جُل جهدهم ووقتهم الكثير لنسخ وجمع ما استطاعوا أن يجمعوه من معلومات ذات قيمة معرفية وهي مهمة في غايه الصعوبة حتى استطاعوا كتابة وتدوين الكمّ الهائل من المعلومات وتحرير الوثائق وترجمتها من أمهات الكتب الأجنبية والمطبوعات والجرائد إلى دُور المعرفة، ومن خلال معايشتنا للواقع المشين نرى وجود عدد من المباني وكتبت عليها على أساس أنها دور للمعرفة وفتحت صالاتها للقراءة إلا أن الواقع الأليم أن هذه المكتبات تشكو من عدم وجود قُراء، ولهذا نجد العديد من دور المعرفة خاوية لا يوجد أي شخص مهتم بالقراءة عدا نفر قليل يأتي لكي يقوم بالبحث في أحد المراجع ليبحث عن ضالته في تخصص معين حتى يجد ما يروي عطشه لبعض المصادر التي قل ما يجد فيها بعض السطور التي كتبت حول بحثه المطلوب من إحدى المؤسسات التعليمية لكي يكمل مرحلة تعليمه وينتهي الموضوع ما نشاهده أو على الأقل رأيناه في تونس مثلا نجد كل رواد المقاهي يقرؤون الصحف المحلية مثل الشروق والصباح، دون أن ينسى صفحة من صفحات تلك الجريدة ،بينما مجتمعنا وخاصة الشباب لا يعيرون أي اهتمام للقراءة ولعلكم تلاحظون ذلك ودخلتم أو شاهدتم بعض المكتبات لا يوجد بها من يهتم بالقراءة، نلاحظ أن هناك تقصيرا كبيرا تجاه المعرفة في بلادنا حيث تجد أن الكثيرين لا يعيرون اهتماما للقراءة ، ولا نشاهد في المقاهي الآن إلا الاهتمام بالإنترنت واحتساء القهوة ويقضون أوقات فراغهم في القيل والقال، فالمكتبات في بلادنا تعاني وتستغيث من عدم وجود رواد لها ويقال إن أفضل الأجيال هي التي سبقتنا منذ ثلاثين وأربعين سنة مواليد الأربعينات وبعض من الخمسينات والستينات وقلة من مواليد السبعينات، فكلما دخلت مكتبة في بعض المدن الكبرى لا تجد بالكاد طالبا يبحث عن مشروع لتخرجه، والقليل ممن تجدهم في مركز المحفوظات والدراسات التاريخية بطرابلس وكلهم من أجل كتابة بحوث ماجستير وغيرها من الشهادات الأخرى بغية تحسين مستواه الوظيفي وبعد التخرج تجده لم يفهم إلا في حدود تخصصه ولهذا نجد أن الأغلبية من شبابنا يفتقد إلى القراءة والاطلاع ويتضح أن المجتمع يتجه أغلبه من الشباب إلى مواقع العمل ولا يهتم بعملية القراءة التي تنمي قدراته وتحسن من مستواه الذهني، والمعلوماتي حتى يستطيع أن يكون له حضور قوي في المنتديات العلمية والأكاديمية ولعلنا نشاهد في بعض القنوات العربية وعلى سبيل المثال لا الحصر قناة الـ (إم بي سي) في برنامج من سيربح المليون السنوات الماضية لم نلاحظ في المتسابقين الذين ترشحوا للجلوس أمام مذيع الــ(إم بي سي) جورج قرداحي لم نر أي شاب ليبي من ضمن الفائزين بل كلهم من الشرق الأوسط وبعض دول جوار غرب ليبيا وهذا يدل دلالة واضحة على أن مجتمعنا يعاني من أزمة ثقافة على المستوى العام خاصة فئة الشباب الذين يفترض أن يكونوا في المقدمة في مثل هذه البرامج ولهم حضور فعال ،لكن كما يُقال:(بَاشْ تُنفخ النّار يَا لَشْلَمْ) وهذا راجع إلى عدم اجتياز المراحل الأولى من التعليم بصورة صحيحة وهذه إحدى الأسباب التي جعلت الأميّة ضاربة أطنابها في المجتمع ، وتجد أغلب الفئات العمرية تهرب من المؤسسات التعليمية وتتجه إلى الألعاب الأخرى مثل كرة القدم وتشجيع الأندية بينما لا يهتمون بالعلوم التي تفيدهم وتفيد أبناءهم.