- سالم أبوخزام
دخل ثلاثتهم إلى المحل التجاري المنظم الجميل كانت عطورا مصففة ازدانت بها الواجهة الأمامية وكذلك الأرفف المتدرجة المعدة على أحدث طراز .. في محلات العطور ، إذا لم تشترِ فإنك ستربح عطورا تفوح من كل جنبات المحل ، فأغلب الناس يجربون العطور الفخمة ، التي تنطلق عبقا في فضاء الدكان ، فأنت بمحاذاة صاحب المسك فلن يصيبك منه إلا أفخم وأعطر الروائح !! غير أنه على غير العادة دخل ثلاثة ولسوء حظ البائع كانوا “ميليشياوين ” فلا يهمهم سعر البضاعة أو نوعها أو بلاد تصنيعها ، فالمهم الحصول على أفخر العطور ، وبالمجان وإن كلف القتل ، فإن رائحة الدم باتت تتصاعد في جدران المحل وفي أطراف العاصمة طرابلس . ..قبض الميليشياويون العطور والساعات الفاخرة وعادوا أدراجهم وركبوا سيارتهم المغتصبة أيضا من مال حرام . انطلقوا الهُوَيْنا في شوارع طرابلس العاصمة ولا شيء يشغل بالهم أو تفكيرهم ، لكن الفتى “رشيد” تعقبهم وهو يصيح فيهم بضرورة سداد الأثمان فالعطور فاحشة الغلاء !! ماكان منهم إلا أن نزلوا للرد عليه وسط ازدحام الشارع بالمارة لمشاهدة السيناريو كما أرادوه . لقد سدد الثمن !! سدد بطلقة من بندقية كانت في “التبّات” تناصر الميليشيات ، برصاصة واحدة في الجمجمة فأردت رشيد شهيدا . سالت الدماء مضرجة وسقط رشيد ، على بعد أمتار قليلة من أخيه ، أخيه الذي هب لنجدته فسقط محاذيا له جريحا وسالت دماؤه أيضا فوق الإسفلت ، فكانت دماء في الإسفلت للدولة المدنية . التسجيل بالفيديو جعلها قضية تلف العالم حيث شاهدها ،حقوق الإنسان والأمم المتحدة ، والقضاء والعدالة ،”وهيومن رايتس ووتش ” ورجال الأمن . ..انبرى والد الضحية مدافعا عن الباطل وسفك الدماء ، دماء في الإسفلت ، شاهدا على أقسى درجات الظلم والمهانة ، مدافعا عنه مشرعا له حمل السلاح “ببنطلون أبتر وبشبشب ” مدعيا بأنه سلمه لمركز الشرطة !! شرطة ولكنهم أقوى، في ظل ميليشيات أخرى تساندهم . كانت نبتة شيطانية احتضنها التطرف والإرهاب بتربية من والد شعاره من إبليس فكانت النتائج أمام كل من شاهد ” الفيلم “. في كل حال مات واستشهد رشيد البكوش ، وقد قيل في أكثر من مصدر إن الجاني قد غادر البلاد إلى تركيا في حماية الميليشيات ، غادر الجاني أم لا فهذا ليس مهما ، لأن الأبواب مفتوحة على مصاريعها وبلغ الانفلات مداه ، هذا ماتحقق أمام الجميع وثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الدولة في حاجة للجيش والأمن لضبطها ، ولن يستقيم الأمر بدونهما أبدا ، رشيد البكوش شاهدا ودماؤه تطلب النجدة من الدولة المدنية ، لدماء سالت في الإسفلت !