- د :: خليفة الاسود
فاعتقاد الكثيرون بأن تعافي قطاع الصحة في ليبيا مرهونٌ بعودة الالاف من الاستشاريين المتواجدين بالخارج…أعتبره تبسيط، تماماً كالذي يعتقد ان أقصْرُ طريقٌ للقمر الخطُ المستقيم، وليس خطاً التفافياً…!فقضية الصحة أكبر من ذلك، لأن إدارة الصحة في أي دولة تعكس وبشكل مباشر درجة تقدمّها أو تأخرها، ولن تجد دولة متخلفة إلا ونظامها الصحي متهالك، والعكس صحيح، والسبب:ان إدارة القطاع الصحي في عصرنا، أساسها فرق متناغمة وفعّالة، وعمل مؤسساتي محايد وشفاف وبأهداف واضحة. لماذا؟لأن قطاع الصحة لا ينتج نقوداً…بل يحتاج لصرف أموال، ولهذا السبب يعتبر قطاع الصحة من اكبر مصادر الفساد والنهب، بعد القطاع العسكري في دول العالم الثالث. الوحدة الاساسية للقطاع، (المستشفى) ويتكون من: طاقم إداري ومالي، مرافق (مبنى وكهرباء ومولّد وتكييف ومياه، وغازات طبية)، قسم الاسعاف والطواريء، الصيدلية، المختبر، الاقسام السريرية، قسم الاشعة، المخازن (العامة والمستلزمات)، قسم النظافة العامة والتعقيم، المغسلة، ثلاجةُ الموتى، فنييي غرف العمليات، التمريض والتمريض المساعد، القابلات، الاطباء المناوبون، و(الاطباء الاستشاريون). فالاستشاريون يشكلون ترسٌ واحد ضمن مجموعة تروس داخل المستشفى.فقطاع الصحة عبارة عن تجمّع لوحدات اساسية (مستشفيات ومراكز صحية)، في رقعة جغرافية مترامية الاطراف، وبسلطة سياسية هشة، وأمنٌ يحضر ويغيب، وانقطاع الكهرباء، وشحُ الوقود اللازم للمولّدات، وأزمة امداد بالمستلزمات والادوية المنقذة للحياة وصلت الى الانسولين…! ضف الى ذلك المرافق المتخمة بالتعيينات الزائدة، والمباني المتهالكة، والادارات المتنفذة قبلياً، وهواتف أرضية لا تعمل، وهواتف محمولة مرهونٌ عملها بوجود الكهرباء، وغيابٌ لأقسام حيوية في أغلب المستشفيات، مثل التدريب والانعاش، ومراقبة الجودة والتدقيق، والمنظومات الاليكترونية، الخ…ولعل هذا الشرح المبسط يلقي الضوء على أزمة قطاع مركب من مجموعة تروس، لا يشكّل فيه (الاطباء الاستشاريون) سوى ترسٌ واحد…! ويكفي ان تتهتك أسنان ترس واحد في هذه المنظومة لإعطاب حركة القطاع بالكامل، ناهيك عن تعطّل تروس عديدة…!