أخي المسلم: لقد أوصى الإسلام بالجار، وأعلى من قدره، حرمته، وحفظ حقوقه، ولقد بلغ من عظم حق الجار في الإسلام أن قرن الله حق الجار بعبادته وتوحيده تبارك وتعالى وبالإحسان إلى الوالدين واليتامى وذوي الأرحام.
فقال عز من قائل سبحانه في آية الحقوق والعشرة: }وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ…{ [النساء: 36]. وقوله:}وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى{ هو الذي بينك وبينه قرابة وقيل: هو الذي قرب جواره، وقيل المسلم، وقيل الزوجة، وقد كانت العرب تسمى الزوجة جارة كما قال الأعشى لامرأته الهزانية حين طلقها:
أيا جارتا بيني فإنك طالقة | كذلك أمور الناس غاد وطارقة |
وقوله تعالى: }وَالْجَارِ الْجُنُبِ{ قيل: هو الذي يعد عرفًا جارًا وبينك وبين منزله فسحة، وقيل هو الذي ليس بينك وبينه قرابة، وقيل الزوجة وقيل غير المسلم.
أما السنة النبوية فقد استفاقت نصوصها في بيان رعاية حقوق الجار، والوصاية به وصيانة عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسد خلته، وغض البصر عن محارمه، والبعد عن ما يريبه ويسيء إليه ويؤذيه.
ومن أعظم النصوص الواردة في هذا الشأن ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة وابن عمر y أن النبي r قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» أي ظننت أنه سيبلغني عن الله الأمر بتوريث الجار حيث إن وصية جبريل u بالجار ليست من تلقاء نفسه لكنها من عند الله سبحانه وتعالى. والمتأمل كلمة «سيورثه» يجد أنها كلمة جامعة بالغة فإن الوصاية بالجار تشمل حمايته والإحسان إليه والحفاظ عليه وكف الشر والأذى عنه وإسداء الخير إليه وتعاهده بالسؤال عنه وتقديم المعروف له، وتدل أيضًا هذه الكلمة على أن الوصاية بالجار كانت على جانب عظيم من العناية الحرص من الشارع وكذلك الحث على رعاية حقوقه والقيام بأدائها والحفاظ عليها.