جالو: أحمد محمد بازاما
عضو المجلس البلدي جالو “يوسف أبوعوينة” كافح بقوة لإثبات ذاته و حول إعاقته سلماً للنجاح!!
لا يخفى على الجميع بأن حقوق ذوي الإعاقة شبه منعدمة في ظل غياب مؤسساتي وقوانين غير مفعلة بالصورة المثلى لتلك الفئة المهمة من المجتمع، وبهذا كله نجد أن معظم الإنجازات والاستحقاقات المحلية والدولية لعدد منهم جاءت نتيجة اجتهادات فردية متسقة مع المهارات التي يمتلكونها.
فالمهارات تظل كامنة مالم تجد بيئة محفزة وإرادة حقيقية من المرء للظفر بالنجاح، فمعايشة التحديات وتذليلها والتكيف معها مرتبطة أيضا بتلك الإرادة وربما السبيل إلى التضحية في بعض الأحيان.
نسلط الضوء على يوسف محمد يوسف أبوعوينة عضو المجلس البلدي جالو المنتخب عن فئة ذوي الإعاقة، من خلال هذه المساحة نحاول نقل جزء من تجربته لأقرانه من ذوي الإعاقة في ربوع البلاد والتي من شأنها الإسهام في إعادة بريق الأمل لديهم وتحفيز مهاراتهم الكامنة لتوظيفها بالشكل المطلوب.
جسر التوازن
فبين العمل الإداري المناط به في المجلس البلدي ولجانه المتنوعة ومعالجة العديد من المواضيع والقضايا والشكاوى التي يتقدم بها المواطنون لإيجاد حلول لها يتواصل أبوعوينة وذاته تنبض بالحيوية للتعامل معها بكل حكمة وصبر بشكل يومي ويقضي في فترة المساء جل وقته في مزرعته لمتابعة زرعه والإشراف عليه فالزراعة إحدى أولوياته باعتبار أن لها ارتباطا وجدانيا منذ نعومة أنامله.
وهذا ينعكس جلياً على القيم التي تشرب بها وزادت من همته وحيويته صانعاً جسراً للتوازن في الأمور الحياتية والمهنية فلم تمنعه الإعاقة من تكريس خبرته للغير والاستفادة من فيض مهاراته الإدارية دعماً لبني جلدته وتحفيزاً لكافة أقرانه من ذوي الإعاقة ورسالة ذات مضامين مهمة للشباب من الجنسين.
أبوعوينة خريج جامعة قاريونس بكالوريوس إدارة أعمال للعام الدراسي 1986-1987م حيث أنه تعين مباشرة بعد تخرجه بقطاع التربية والتعليم وأمضى فيه مدة سنتين، ثم انتقل إلى مراقبة مالية الواحات استمرت حياته تدرج من خلالها لعدة مناصب من موظف إلى مراقب مالي لكل من الإعلام وجهاز حماية البيئة ومعهد المهن الشاملة .
تأثر بوالده المرحوم باعتباره من الرعيل الأول في قطاع التربية والتعليم والذي ترأسه في أول فترة له بتاريخ 8/10/1973م واستمر لسنوات عديدة بهذا المنصب الإداري وموجها تربويا نظير إخلاصه لهذه المهنة ، حيث يشهد له الجميع من سكان المدينة بتفانيه وعطائه اللامحدود للرفع والرقي من المنظومة التعليمية ولعل تسمية إحدى المدارس بجالو باسمه برهاناً بما اتصف به المرحوم من حب وانتماء حقيقي لهذا المنبر والصرح التربوي. والده في حياته المهنية والعملية.
حادث مؤسف
بسؤالنا عن تاريخ حادث السير ومدى التأثير النفسي الذي تركه خلال فترة التشخيص والعلاج وكيف تجاوز تلك المحنة؟
يقول :”بأنه بعد حادث السير بتاريخ 4/10/2009م أجريت لي عملية بمدينة أجدابيا على الفقرة المكسورة ودون تركيب بلاتين وذهبت إلى بنغازي ومنها إلى تونس بالإسعاف الطائر ، ففي تونس انزعج الدكتور كثيراً بسبب الأخطاء الطبية معللاً ذلك بأنه خطأ كبير مجيئي هنا وأنا بحاجة لتركيب البلاتين أثناء العلاج ، ولكن قدرة الله البارئ أنقذتني وعملت عملية تكللت بالنجاح.”.
ويتابع” بعد شهر رجعت لمدينة المرج لغرض العلاج الطبيعي الذي استمر شهرا ثم رجعت إلى مدينتي جالو واستمررت في العلاج الطبيعي في البيت مع الأطباء من الطاقم الكوري إلى أن سافرت إلى تونس عام 2015 للعلاج الذي استمر قرابة سنتين ونصف، ففي شهر 11 من سنة 2017م رجعت لجالو”.
يستطرد في الحديث حول نقطة التحول بعد حادث السير الذي أثر كلياً على مجريات حياته المهنية “إنه بعد حادث السير توقفت عن العمل واستمررت في العلاج وقررت الانتقال إلى صندوق الضمان الاجتماعي، ولكن زملائي في العمل بالمالية أصروا بإلحاح للرجوع إلى العمل، بعد سنة ونصف أو سنتين تقريباً رجعت إلى العمل واستمررت في عملي ثم انتخبت في المجلس البلدي لبلدية جالو عن فئة ذوي الهمم وأزاول عملي بكل تفانٍ وقد كلفت عديد المرات عميداً في البلدية وتابعت عدة ملفات داخل نطاق البلدية وتم معالجة العديد من القضايا وإزالة العوائق والتحديات بكل حكمة والحمدلله نفسيتي مرتاحة جدا في العمل”.
ويضيف “كانت ومازالت أسرتي بعد فضل الله تعالى الدور الرئيسي من خلال وقفتهم ومؤازرتهم معي بشكل دائم ومستمر خير عون وداعم لي وكذلك الأصدقاء الذين لم ينقطعوا عن زيارتي لمدة ستة سنوات متواصلة ” .
ويتابع :”ففي بداية المرض تأثرت نفسياً ولكن بفضل الله تعالى وقراءة القرآن وعزيمتي ومساندة أسرتي وأصدقائي تجاوزت هذه المحنة وزاولت عملي بكل اقتدار ومازالت مستمرا في العمل حتى هذه اللحظة.
وأضاف “إن إصرار زملائي عليّ للرجوع إلى العمل يرجع لعدة أسباب لعل من أبرزها درايتهم بما امتلك من خبرة في مجال تخصصي إدارة الأعمال وكذلك التزامي والوفاء للمهنة والحرص على التفاني وبذل الجهد لإنجاح أي مهمة أو برنامج أفوض بها ، مازالت مستمراً في عملي حتى هذه اللحظة بالبلدية منذ انتخابي عضواً بها.
وفي سياق آخر بين أن هوايته المفضلة الزراعة، فقد مارس هذه المهنة منذ الصغر ومازال مستمراً بها، مشيراً إلى أن مزرعته إنتاجها جيد وتساهم في تغطية مصاريفه.
ويرى بأن هنالك قصوراً واضحاً تجاه فئة ذوي الإعاقة، مبرزاً بأن الضرورة تتطلب على الجهات الحكومية أن تراعي حقوق ذوي الإعاقة وأن تلتزم بتلك الحقوق المكفولة دون منة بعيداً عن العاطفة والعمل بشكل جدي وحقيقي لإنشاء بعض الأمور اليسيرة كالممرات الخاصة في القطاعات الحكومية لذوي الإعاقة الحركية وتسهيل الخدمات لهذه الشريحة وتوفير الاحتياجات الخاصة الصحية منها.
تذليل العقبات
وعن نصيحته لذوي الإعاقة يقول “إن الإعاقة مهما كانت نوعها هي أقدار من عند الله سبحانه وتعالى فعلى كل مرء معاق بأن يتجاوزها من خلال توكله على مدبر الأمور وأن يكون واثقاً من نفسه ويعزز من مهاراته ويساهم في تطويرها
وأن يكيف نفسه في هذه الحياة بكل يسر ومرونة وأن يكون ديدنه التفاؤل والعطاء عنوانه”.
وعن انطباعه حول مشروع منكم وفيكم لمناصرة قضايا ذوي الإعاقة الذي تنفذه مؤسسة الفرسان يقول ” بأن هذا المشروع أضاف ومضات من خلال تسليط الأضواء عن حقوق ذوي الإعاقة والعمل على ضرورة تفعيل تلك الحقوق وتذليل كافة الصعاب أمام هذه الشريحة، وهذا شجعني كثيراً لتفعيل مكتب ذوي الهمم بالبلدية والعمل على وضع خطة عمل مستدامة تخدم فئة ذوي الإعاقة”.
وأضاف “أن الأدوات والوسائل التي كانت مستخدمة للتعريف بقضايا حقوق ذوي الإعاقة مستهلكة فمن خلال اللقاءات التقابلية والأنشطة المتنوعة التي قام بها فريق عمل مشروع منكم وفيكم لمناصرة قضايا ذوي الإعاقة أضفى مرحلة جديدة من خلال توظيف وسائل تكنولوجية التي كانت موجودة حولنا ولكن لم نكن نستثمرها في عملنا ، و أنّ مشاركتي في المشروع شجّعني للتقديم إلى تحدي الابتكار واستنباط الأفكار الإبداعية”.
ويأمل تفعيل القوانين المعنية بذوي الإعاقة وصونها بالصورة الحقيقية والتي من شأنها تمكينهم في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإشراكهم في البرامج المجتمعية المتنوعة.