- أ :: شكري السنكي
رحيل علم مِن أعلام بّنْغازي، ورمز مِن رموز نادي الهلال وأحد كبّار داعميه انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس الموافق 21 يناير 2021م، الأستاذ ينبع عيسى بِن عامر، في مدينـة بّنْغازي، عَن عمر يناهز التاسعة والثمانين عاماً. ووارى جثمانه الطاهر الثرى، مثواه الأخير، بمقبرة الهواري غرب مدينـة بّنْغازي. عرفت الرَّاحـل ينبع بِن عامـر فِي «نادي الهلال» منذ أن كنت طفلاً، حيث كان يتردد على النادي يومياً طوال عقد السبعينات. كان صديقاً مقرباً لزوج أختي عبدالله محمّد علي دغيم عضو مجلس إدارة نادي الهلال والّذِي شغل منصب رئاسة المجلس فِي مرحلة مَا.وعرفته دمث الأخلاق، ورجلاً أصيلاً نقي القلب.. وعرفته بنغازينو صح، وهيلاهوباً حتَّى النخاع. لعب كرة القدم ضمن فريق «نادي الطليعة» وشارك مع الفريق الأوَّل في بطولة بّنْغازي للدرجة الأولى موسم 1953م / 1954م، ثمَّ انضم إِلى «نادي الهلال»، ولكنه لم يلعب ضمن صفوفه، وصار فيما بعْد من أهم كوادر نادي الهلال الإداريّة، وأصبح رئيساً للنادي فِي سنوات من عقد السبعينات. ويُذكر أنه كان ضمن أعضاء مجلس إدارة نادي الهلال فِي أوَّل تشكيل لمجلس إدارة النادي فِي منتصف الخمسينات.
ينبع هُو ابن عيسى بِن عامر أحد أبناء بنْغازي البررة، وأشقاؤه كانوا من نخبة الِلّيبيّين: طه الشريف، محمّد، منصُـور، رحمهم الله جميعاً. بدأ حياته الوظيفيّة، فِي خمسينات القرن المنصرم، حيث اشتغل مع ابن عمّه الشّيخ مُصْطفى عبدالله بِن عامر (1908م – 10 يناير 1990م) أحد مؤسسي جمعيّة عُمر المختار والشخصيّة الوطنيّة البارزة، فِي المطبعة الأهلية فِي شارع قزير، المطبعة الّتي أسسها الشّيخ مُصْطفى فِي العَام 1953م وساهمت فِي نشر العلم والمعرفة والثقافة، مع بقية المطابع الخاصّة الأخرى فِي مدينة بّنْغازي وعموم ليبَيا. هذا، وقد أحرق نظام القذّافي الانقلاّبيّ مطبعة الشّيخ مُصْطفى فِي العَام 1975م، وسجلت القضيّة ضدَّ مجهـــول.
عُيّن ينبع بِن عامر موظفاً فِي إدارة «مصلحـة الجمارك» فِي أواخر العَام 1954م، واستمر فِي وظيفته حتَّى أواخر العَام 1956م. وافتتح مكتباً خاصّاً فِي محيط «ميدان البلدية» وسط مدينة بّنْغازي، لـ«التخليص الجمركـــي» فِي العَام 1957م، واستمر فِي عمله حتَّى قام نظام القذّافي بتأميم جميع الأعمال الخاصّة «القطاع الخاصّ» فِي النصف الثّاني مِن سبعينات القرن الماضي. يعتبر ينبـع بِن عامـر شخصيّة مِن شخصيّات بّنْغازي المعروفة، وأحد رموز نادى الهلال، وإداري مِن الطراز الرفيع، وموسوعة رياضيّة فِي مجال لعبة كرة القدم، على المستوى الوطني والعالمي. وكان صاحب أيادي البيضاء على كثيرين، وله باع طويل فِي العمل الخيري، حيث كان مِن أوائل المنضمين إِلى المشروع الّذِي أسسه الرَّاحل صَالح مسعود بويصير بعْد انقطاع موارد الطلبة الفلسطينيين الدّارسين فِي الخارج عقب هزيمة 1967م واحتلال إسرائيل للضفة الغربيّة وغزه، وقد تكفل بالمصاريف المعيشيّة والدّراسيّة لعدد مِن الطلبة الفلسطينيين الدّارسين فِي مِصْر. رحمك الله رحمة واسعة وغفر لك ونظر إليك نظرة رضا وجعل مواقفك النبيلة مع النَّاس وأعمالك الخيرية فِي ميزان حسناتك، وأسأله جلِّ وعلا أن يرفع مقامك فِي عليين ويحشرك بجوار سيِّد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا محمّد عليه أفضل الصلاة والسّلام. بقلـم: شكري السنكي الجمعة الموافق 22 يناير 2021م* الصـورة: الفقيد ينبع بِن عامر أثناء تكريم نادي الهلال له. ويظهر فِي الصورة، ومن اليمين: محمّد المغربي الشهير بـ«الري»، ينبع بِن عامر، صالـح حمــزة.