آخر وزير .. وآخر ملك .. وآخر امبراطور !

آخر وزير .. وآخر ملك .. وآخر امبراطور !

فريدة الحجاجي

مائة عام مرّت أمس على ولادة (ايقونة الجمال) الاميرة فوزية الابنة الكبرى للملك فؤاد الاول ، التي وصفها رئيس وزراء بريطانيا الاسبق تشرشل بأنها صاحبة جمال نادر غامض يُجبرك ان تتمعن فيه بلا ملل ولا كلل وبأنها منحوتة فائقة الجمال ! ولدت الاميرة فوزية في الاسكندرية وتلقت تعليمها في سويسرا وأتقنت عدة لغات ، وكانت اكثر اميرات القصر حكمة ورصانة ، عندما تقدّم شاه ايران يطلب يدها من اخيها الملك فاروق زوجة لابنه ولي عهد الامبراطورية الفارسية ، وجد الملك فاروق الذي كان يداعبه حلم الخلافة الاسلامية في هذا الطلب القادم من دولة اسلامية حتى لو كانت ذات مذهب مختلف ، فرصة سانحة في تحقيق الحلم !تقول الكاتبة أمل فهمي في كتابها (الملك فاروق والخلافة الاسلامية) ان شيخ الازهر ذلل عقبة الاختلاف المذهبي كون العروس سنية والعريس شيعي بأنه “ليس في الاسلام ما يمنع“ ، كما رصدت الكاتبة المكانة التي احتلها التيار الاسلامي داخل القصر في عهد الملك فاروق بغية جلب شعبية له بالشارع على حساب أبرز خصومه وقتها وهو حزب الوفد الليبرالي في محاولة التقرّب من الدول الإسلامية ..وتحمّس رئيس الوزراء آنذاك علي ماهر معترفاً بأن المسألة سياسية ودينية، فبالاضافة الى تأكيد زعامة مصر على الدول الاسلامية، فإن هذا الزواج يوّحد مذهبي السنة والشيعة .عندما فاتح الملك فاروق شقيقته في أمر الزواج مبدياً تخوّفه من اجبارها على زوج لا تميل له، ردّت قائلة : لا أعرفه ولا أعرف غيره ..

فريدة الحجاجي

ولكني اعتمد على رأيك وأعمل به ! فقبّل جبينها وارسل للشاه يبلغه بالموافقة .أُقيم زفافاً اسطورياً بالقاهرة يوم 15 مارس 1939، غنت فيه أم كلثوم “مبروك لسموّها وسموّه” من اشعار بديع خيري والحان السنباطي وغنّت ايضاً “على بلد المحبوب ودّيني” ، كما رقصت فيه اشهر راقصات مصر وقتها بديعة مصابني مع ستة من زميلاتها ، وبعد شهر أقيم زفاف باذخ آخر في استاد طهران حضره ما يزيد عن 25 الف من النخبة الايرانية . بعد الزواج حصلت فوزية عى الجنسية الايرانية وبعد عامين تولى زوجها محمد رضا الحكم بعد تنحّي والده فأصبحت ملكة على ايران . انجبت ابنتها الاميرة شاهيناز ، ولكنها لم تكن سعيدة على المستوى الشخصي ، فكانت علاقتها بأسرة زوجها سيئة للغاية وكثرت الشائعات على العلاقات الغرامية المتعددة لزوجها الشاه لدرجة انها بدأت في تلقي علاج نفسي من قِبل طبيب أمريكي. في مايو عام 1945 تركت الملكة فوزية طهران وغادرت إلى القاهرة ورفضت العودة مرة أخرى رغم محاولات الشاه، وطلبت الطلاق، لكن قوبل الطلب بالرفض وظل الأمر معلقًا حتى وقع رسميًا في أكتوبر 1948.

وتسبب طلاقها في أزمة سياسية بين القاهرة وطهران، وصلت إلى حد قطع جميع العلاقات المصرية الإيرانية ، وقد أعلنت مصر أن سبب الطلاق هو “المخاطر الصحية التى تهدد الأميرة المصرية بسبب المناخ الفارسي” !وبعد ان عادت إلى مصر واستقرت بها، ارتبطت عاطفياً بالعقيد إسماعيل شيرين بك -آخر وزير للحربية والبحرية في مصر قبل ثورة الضباط الاحرار – وتزوجا في مارس 1949 ورزقا بالابنة نادية والابن حسين.وعلى عكس أخواتها لم تترك الأميرة فوزية مصر بعد الثورة ، واستقرت مع أسرتها في الإسكندرية وعاشت بعيدًا عن الأضواء كما حلمت دائمًا، وظلت في موطنها لم تغادره أبدًا رغم تجريدها من كل ألقابها الملكية ، حتى توفاها الله في الثالث من يوليو عام 2013 عن عمر يناهز 91 عاماً وشيع جثمانها في جنازة بسيطة مع غياب وسائل الاعلام ودفنت بجوار زوجها بالإسكندرية .. لتنتهي بذلك اسطورة اجمل الجميلات التي كانت شقيقة (آخر) ملك يحكم مصر وأحبت (آخر) وزير حربية قبل ثورة يوليو وكانت زوجة (آخر) امبراطور حكم ايران . ومن الطريف أن الشارع الذي كان قد سُمي باسمها في بلدها مصر بمنطقة المعادي التي كانت تسكن بها تمّ تغييره بعد قيام ثورة 1952، بينما بقى اسم مدينة كاملة سُميت باسمها في ايران وهي مدينة (Fawziabad) كما هو بدون تغيير حتى بعد قيام الثورة الإسلامية وانتهاء حكم الشاه للأبــد .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :