عبدالناصر بن سلمة
في تاريخ ليبيا المعاصر أحداث غيرت من مجريات الأوضاع واقترنت تلك الأحداث بأعوام حدوثها. وما نعيشه اليوم ليس تطورا لأحداث 2011 وما تبعها من هدوء الأوضاع في ليبيا وإقامة انتخابات 2012 بل أحداث 2014 التي عصفت بالوطن ففي عام 2014 شهدت ليبيا ثلاثة حروب طاحنة استمرت أعواما وكذلك شهد ذات العام ثلاثة انتخابات.
مع مطلع يناير 2014 كانت فزان طليعة تلك الحروب الثلاثة وإن انتهت معركة فإن الحرب لم تتوقف واستمرت المعارك سنوات وتغيرت خلال تلك المعارك الاصطفافات والخصوم .
ولأن فزان هي بطن ليبيا الممتلئ بالخيرات كان التنافس الدولي في إشعال الحرب قويا ولكن سكان فزان أحبطوا جميع تلك الأجندات الدولية ورفضوا الارتهان للأجنبي وفي منتصف مايو 2014 كان شرق ليبيا الميدان الثاني بعد فزان للحرب وفي منتصف يوليو 2014 كان غرب ليبيا مع حرب فجر ليبيا التي لازالت جذوة نارها مشتعلة ولم تضع معاركها أوزارها وأن عام 2014 كان عاما مفصليا في تاريخ ليبيا الحديث فالحروب الثلاثة غطت كامل التراب الليبي دماراً ودماء وتجلى من بين ذلك الدمار إرادة الشعب الليبي الرافض لاقتتال الإخوة وأخمد حربي فزان وشرق ليبيا ويسعى الليبيون لطيّ صفحتها المؤلمة والمتخنة بالدماء. وحرب فجر ليبيا لاتزال معاركها تندلع. إن عام 2014 مؤلم وأوجاعه ثقيلة ولكن تلك الآلام والأوجاع صنعت السلام في معظم التراب الليبي وزرعت الأمل بصنع غد يجمع الليبيين وسلاحهم في صدر عدوهم.
وفي ذات العام 2014 كانت هناك ثلاثة انتخابات ففي 20 فبراير 2014 انتخبت لجنة صياغة الدستور والتي ترأسها مواطن أمريكي من أصول ليبية وكيف وصل إلى رئاسة لجنة صياغة الدستور لم يفهمه أحد ونفذ ما هو مطلوب منه وجعل من الدستور وهما بدلا من أن يكون حلما قابلا للتخفيف وفي 25 يونيو 2014 انتخب الليبيون مجلس النواب الذي انقسم على نفسه وكان سببا في تمزيق مؤسسات الدولة وأنتج حكومة الثني التي لم تخضع للمساءلة البرلمانية وترك المجال لحكومة السراج أن تنتزع الاعتراف الدولي ليتكرس الانقسام في ليبيا بسبب عبث أعضاء مجلس النواب.
وفي الأشهر الأخيرة من عام 2014 بدأت الانتخابات البلدية التي استقطبت جهود النخب بكافة المدن الليبية لتبعدهم عن القضايا الوطنية التي عصفت بالوطن.
إن عام 2014 بحروبه الثلاثة وانتخاباته الثلاثة شهد ميلاد مأساة الوطن التي نحاول جميعاً اليوم تدراكها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تعيقها الدول المتصارعة على مصالحها في بلادنا