أحكامنا واحدة وأقدارنا تختلف 2

أحكامنا واحدة وأقدارنا تختلف 2

نيفين الهوني

كل هذه الرسائل غير مجدية الان ولا معنى لها ونحن ننتظر الموت المحقق بعد هذا الخبر الصباحي المقلق لكن الرسالة الاخيرة أستوقفتني فقد نقلتها صديقتي عن صديقتها حليمة كما هي وقالت فيها : نحن كشعوب عربية تكره الاخر رغم ادعائها العكس،(ههههه ياصديقتي) هكذا بدأ حديثه معي وطوال جلسة الاقناع كان يحاول حشو رأسي بمعتقداته وارائه ووجهات نظره حول القضايا القومية والعربية وكل المفردات التي تربينا علينا واكتشفنا لاحقا انها لا تغني ولا تسمن من جوع بينما كنت أنا أرنو إليه وأحاول لملمة أحرف كلماته قبلا من تلك الشفاه وأتخيله وقد تذوقني مثلما تلك الشعارات ولاكني متلذذا حتى اعتصرني ولفظني ابتسامات لكل البشر.

قرأت الرسالة لعدة مرات رومانسية غبية هكذا كنت أهمس لنفسي بينما تعتريني في كل مرة أعيد فيها قراءة الرسالة قشعريرة وأرتعد من الخوف ما الذي جعلني أغامر بطلبي من صديقتي للتدخل والتقريب بيننا ومحاولة معرفة شعورها نحوي قبل أن أتقدم لخطبتها، وأنا الدنجوان الفاشل في كل علاقاتي الرسمية والمتفوق في اللعب بمشاعر كل انثى قابلتها وأعجبتني ولما يأتيني ردها متأخرا الآن والعالم على وشك الفناء ، ماهذه الحياة الغريبة تمنحني فرصة في ساعتها الاخيرة قبل الموت المحقق.  ظللت لدقائق لا أجروء على التحرك أو الوقوف أو حتى مجرد التفكير في رد منطقي على رسائل صديقتي الوسيط .

صراخ في الشارع الخلفي يحتجز سيل أفكاري خلف حائط الرعب من كورونا كما يسميها العامة في بلادي وأغلب البلاد العربية جارنا أصيب بها يالا حظي التعس منذ أشهر لم أره منذ أسبوع ألتقينا في حانوت الحي وتبادلنا التحية واحتضنني نكاية في المرض رافضا تصديق الرواية مثل أغلب من كانوا منذ اسابيع ينكرونها ويتهامسون أنها محاولة فاشلة من الحكومة لإخافتنا وتكميم أفواهنا الصارخة ضد الظلم والجور -الذي نعانيه مذ أتوا ليحكموننا كأسراب من دواب ..دواب لا ليتنا دواب ؟ بل دبيب الأرض وديدانها – بالإبقاء علينا قيد السجن الطبي في بيوتنا ..يا إلهي مابالي لا أفكر في رسائل حبيبتي ولا أحفل بمضمونها الذي بعثته صديقتي .هل أصبت بالمرض هل كان هذا الجار التعس مصابا حين قبلني ؟ هل ستم نقلي بسيارة الإسعاف مثله وأفضح في الحي؟ ويتخلى عني أهلي وعائلتي مثل الروايات التي سمعناها نقلا عن الفضاء الأزرق المقيت؟  هل يمكن أن أموت وحيدا غريبا  حيث أعمل بعيدا عن أسرتي التي تسكن على بعيدا عن مدن الفواجع ؟ رأسي سينفجر عدت إلى هاتفي علني أجد كلمات أجيبها بها.

رسالة أخرى (أيناك يا خيي؟ اسمعني البنية تنشد عليك شنقوللها ؟)

مالهذه البلهاء لا تتوقف عن ازعاجي بالتفاصيل ألا تعلم بأن الكرة الأرضية في طريقها للإندثار وأننا إلى تلاشي ولا سبيل إلى النجاة من الألم الناتج عن المرض سوى الإنتحار المبكر ؟ اوووف صوت بكاء الجيران مزعج الهدوء في الشوارع الخالية مؤلم حتى أسئلة أمي عني وعن صحتي  ووسائل الوقاية الطبية والشعبية ومشروبات الحماية ورفع المناعة الجسدية باتت تشعرني بإقتراب النهاية التي لا أدري أينا أقرب إليها أنا أم هي ؟

سأغلق النوافذ وأنزل الستائر وأتدثر بكل الأغطية حتى لا أسمع شيئا وأحاول النوم سأنام الآن .

رسالة أولى (ياراجل وينك البنت تستنى ) رسالة ثانية (اسمعني طلعت تحبك من زمان امغير متحشمة تقول) رسالة ثالثة (مانبوا منك شي امغير أنشد شكلك ماصدقت تطمن انها تحبك ) رسالة رابعة (لا هك شكلي قعد شين رد يابنادم كان هذا خلي نقوللها طلع خاطب والا هله يبوله وحدة ) وخامسة (لا عيب هكي تي رد علي نا باهي …العرب راهي كلها تنشد عليك مش غير هي راك مختفي لك أيام زعما متت ههههه أنت حتى الموت تخاف منك) وسادسة وسابعة وثامنة وتاسعة و بعد أسبوعين مرهقين في مستشفى المدينة – والذي لم يستضيفني بسبب كورونا  أو الكوفيد بل  لسبب آخر تمام هبوط حاد في الدورة الدموية ونجوتك كبيرة هكذا قال الطبيب أصبت به بسبب الشراهة في التفكير والتدخين معا وهذا ما اخبرت العائلة والجيران والحي والأقارب والقبيلة به، والحقيقة هو الخوف الذي لا أستطيع الافصاح عنه لا أنا ولا جنسي في مجتمعات الذكورة السوبرمانية التي نعيش فيها – اكتشفت رسالة في هاتفي من صديقتي تقول (والله مانك راجل حشمتني قدام صاحبتي خليتني كلمتها وهربت ياجبان عموما راهي عرفت ماضيك مع الصبايا وتحمد في ربي إنها ماتورطت مع معقد و بعثتلك معاي هالكلمتين (شكراً لكل امرأة أحببتها وخذلتك …والحمدلله انني كنت شواذا لهذه القاعدة .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :