حسام محمود الفنيش
أصل الأزمة في ليبيا اجتماعي وليس سياسيا فالسياسة مظهرها ولكن جوهر الأزمة في اعتقادي مجتمعي فكيف يمكن إزالة هذا اللبس بين أصل المشكلة وتشخيصها و حتى نستطيع أن نحدد أسباب الأزمة علينا أن نشخصها تشخيصا واقعيا لمعرفة أسباب أزمة التحول السياسي.
في البداية لابد لنا من إعادة فهم المجتمع الليبي والبنية الاجتماعية الليبية وفهم ماذا يريد الليبيون وبماذا يحلمون والعمل على خلق الوعي والإدراك بحاجات المجتمع في إطار المصلحة العامة وإيجاد فهم للشخصية الليبية وبيان سماتها المشتركة والسمات الفريدة الخاصة بكل مكوناتها والعمل على إجراء حوار مجتمعي موسع يقود إلى صياغة عقد اجتماعي قبل الخوض في إنجاز العقد السياسي ( الدستور) على أساس التمثيل السياسي للتوازن وتصحيح توزيع السلطات من خلال تطبيق اللامركزية الإدارية وآليات الحكم المحلي وتحسين صيغ توزيع الثروة على أسس مفهوم العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات بطريقة عادلة بين المدن والقرى حسب عدد السكان واعتبارات أخرى وتحسين الرقابة وإعلاء قيم سيادة القانون والتأكيد على مركزية مفهوم المواطنة (حقوق وواجبات) وتعزير مشاعر الانتماء للوطن من خلال ترسيخ مفهوم الهوية الوطنية وبناء الهوية الوطنية الجامعة والتركيز على الكليات المشتركة ونقاط القوة في المجتمع وإيجاد فكرة أو أفكار مركزية ملهمة يتوحد عليها المجتمع وبناء السلام من خلال آليات متعددة تبدأ بإنجاز العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والتنمية المكانية والمستدامة ومن ثم فالحوار المجتمعي وإنجاز العقد الاجتماعي يسبق إنجاز العقد السياسي (الدستور)لأنه سيحدد ما سيكون عليه الدستور بعد إجراء نقاشات مستفيضة حول المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبنيوية حتى نصل إلى دستور توافقي قابل للاستفتاء يتوافق عليه أغلب الليبيين مرحليا علينا انتخاب سلطة تشريعية تأسيسية وفق الإعلان الدستوري تقود التحول السياسي بنجاح وإيجاد حكومة تكنوقراط (خبراء) فاعلة محددة بمهام ومدة زمنية معينة قادرة على انتشال الشعب الليبي من الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي يعيشها المواطن الليبي وأن تنجح في أن تنتقل به نحو دولة ديمقراطية مدنية من خلال إنجاز الدستور و الاستفتاء عليه وإنجاز الانتخابات الرئاسية هنالك عدة مسارات للحل السياسي في ليبيا معروفة لدى السياسيين لكن لابد من معرفة العمق الاجتماعي للحل السياسي والعمل عليه حتى نصل إلى حلول حقيقية وتشخيص واقعي وليست حلولا واهية ومؤقتة.