أسئلة مهاجرة من عقلي الى قلمي .

أسئلة مهاجرة من عقلي الى قلمي .

بقلم :: عمر الطاهر

ليس في جعبتي شيء سوى أسئلة مهاجرة من عقلي الى قلمي .
و اصرخ ملء فمي ما وسع الخلاء .
اين من كُنتُم خير أمة اخرجت للناس ؟
اين يا من تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر ؟
و في شوارعنا يضام الناس جهارا نهارا و لا احد يبالي و كأن المروءة و الشهامة قد غادرت و هاجرت مع الجموع العابرة .
الى بلاد الغال و الإغريق الى بلاد النصارى العالية ، ففيها ملوك لا يظلم الناس في كنفهم و ليس من احد يهاجر .
ليس في جعبتي شيء سوى حفنة من علامات التعجب .
اذ كنا نقول عنا ، اننا الشعب الطيب ، كلنا نعرف بعضنا بعضا ، و نحب بعضنا بعضا ، و بيننا اواصر الدم و المصاهرة ، و اننا لحمة واحدة ، و دينُُ واحد و مذهبٌُ واحد ، و عرقٌٌُ عربيٌُ واحد .
غير ان الأيام كانت سُترنا ، و لم تكن قد اتاحت لنا فرصة معرفة حقيقتنا ، و حينما حانت ، تفجر الوحش المكبل بالخوف في دواخلنا فانبرى متوحشاً مخيفا لا يرحم احدا .
فتحررنا وكسرنا القيود ، و انطلقنا
نمارس التوحش ؟ باسم الثورة و الدين فهدمت البيوت على ساكنيها ، و هتكت الاعراض ؟ و قتل الإخوة الإخوة ، و الآخرين بين سجين و جائعٍ و شريد ، حروب مابين مدينة و قرية ، و زنقة و زنقة ، و دار و دار ، و شرخ يزيد المسافات ما بين الجهات ، شرق نحو الشرق و غرب نحو الغرب و جنوب مستباحٍ لم يعد يذكر الا قدر هنيهة .
ليس في جعبتي اليوم غير الحيرة من احوالنا و هذا المآل .
و اينما وليت وجهي
تصرعني خيبة الأمل ، نتجرع منها كل يومٍ ، كؤوسا دهاقا لا تحتمل الارض إثمها و لا السماء وزرها ، و تخر منها الجبال هدا !
اين ما كان الشيخ الجليل يعلمنا اياه في ( المحضرة ) من خلق و دين ، و مازرع فينا المدرس من أمل في يوم الغدٍ و المستقبل المزهر ، و اين ما حشره السيد الرئيس في عقولنا اليانعة الخضراء ، في خطاباته الطوال ، عن البلد المحسود و الجنة الموعودة .
وأين الفوارس منا كما في أساطير الجدات ، و اين أهل الكرم و المكرمات و الشهامة في الملمات و زمن تستغيث فيه الولايا ( عندكم ولايا ) جهارا نهارا امام الملأ و لا مغيث .
ليس في جعبتي سوى الالم و الذل و الخذلان .
أينما وليت وجهي لا ارى الا جيران يفرون من جيرانهم ، مطرودون من ديارهم ، مشردون في وطنهم ، يسكنون الخيام و بيوت الزنك والصفيح .
سبع سنوات ، كبر فيها الأطفال في النزوح .
بيوت آبائهم التي ما رأوها تئن ابوابها منذ ايام الخديعة حتى يومنا هذا في موسم الزوابع و الريح .
خاوية على عروشها و لا ذنب لهم سوى انهم ولدوا في زمن الفجيعة فحملوا أوزارا لا طاقة لهم بها .
ليس في جعبتي سوى الندم و الذل و الالم ، و خجل يمنعني الخروج في وضح النهار .
و يلسعني السؤال ؛
اين من كانوا اخوة الوطن ، اين قصائد شعرهم التي صُموا بها آذاننا ايام ( الوسع ) عن رفع الضيم و نصرة المظلوم و التضحية و الفداء و الإيثار ؟
اين ذهبت نخوتهم و أغانيهم عن شجاعتهم و صليل سيوفهم التي ما غادرت اغمادها .
و مثل قولهم مثل كلام الليل ( مدهون بالزبدة ) و اين ( النار الحمرا من يقربها ) ( وين عربها ) ؟
ليس في جعبتي غير الدعاء و البكاء مثلنا مثل الثكالى ، ففي تلك الحرب قبل السبع العجاف ، مات الرجال جميعهم ، و من تبقى ظلال و أشباه ، تعاف ذكرهم ذوات الجدائل و أصبحن في مرآهم يشعرن بالتعاسة و ايامهن أضحت حسرةُ و ندامة و ازدراء .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :