أطياف

أطياف

بعد الأخيرة 

عمر رمضان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتسألون ــ وأنا معكم ـــ و… هل بعد ” الأخيرة ” بعد ؟

وتعرفون ـــ وأعرف مثلكم ــ أن ” الأطياف ” هي كـــ “ليل ” الصب

( ياااااا ليل الصب متى غده ؟؟؟ أقيام الساعة موعده ؟ )

فــــ الأطياف يتوالد بعضها من طيف إن غاب طيف خلفه طيف يتجدد

والذي ردني إلى الأطياف ــ إن كنت خرجت منها حقا ـــ هو نص رسالة وردتني على الخاص حملت إلي ” نصا ” رائعا غاليا حلوا من ” نصوص المنابشة ” التي كانت بصمة من بصمات ” عبد الله منصور ” في شعره الغنائي لايكاد يتركها فيه إلا قليلا

ومازلت أقول إن ” المنابشة ” لون من ألوان الطفولة التي لايسترجعها إلا الشعر

وسأظل أقول إن ” الحب طفل ” إذا تفلسف فقد طفولته البريئة

والنص الذي وردني على الخاص يؤكد هذا بل يترجمه ترجمة كاملة شاملة

وإلا فما رأيكم في الحبيب الذي يخاصمك ويجادلك ويعاتبك عتابا حارا حادا جادا على (حلمة ) ..؟ إي والله هي مجرد ” حلمة ” ليس إلا ولكن الحبيب يخاصمك عليها ويناقشك فيها ويغضب الغضب الشديد كــــــ أن ” الحلمة ” صارت واقعا

ولكن …. أليس الحب طفولة ؟ وهل في الطفولة منطق يفرق بين ” الحلم ” و ” الواقع ” ؟ أليست الطفولة مسحا كاملا للخط الفاصل بين الحلم والواقع ؟

أترون ــ هنا ـــ لذة المنابشة الطفولية التي تستعيد ” شقاوة ” الطفولة وتجعلها طريقا إلى المنابشة الممتعة وهل ثمة أقسى وأظلم من حبيب يخاصمك على حلمة ؟ ولكن هل تجدون ـــ في الدنيا بما رحبت ـــ ظلما أشهى وأمتع وأحلى وألذ من هذا الظلم ؟؟

( فـــ بعض الظالمين وإن تمادى // شهي الظلم مغفور الذنوب )

يقول الشاعر عبد الله منصور

( شبيه البدر في الظلمة / يعاتبني على حلمة

و.. لوعاتب يعذبني / عنيد يشد في كلمة )

وهو ليس حبيبا وكفى ….. بل هو (شبيه البدر )

وليس بدرا وكفى …. بل هو (البدر في الظلمة )

والبدر ــــ في مأثورنا الجميل ـــ غير الشمس

كلاهما نور ولكن الشمس ساطع بـــــ حدة وقوة وعنف وحرارة

والبدر مؤنس رفيق رقيق وفي تراثنا يقولون لغزا عن العين

( قلبها قـــــــــزاز / وغطاها شعر

تخاف من الشمس / وتستحي من القمر )

فعلاقتها بالشمس علاقة خوف كـــــــ الأب

وعلاقتها بالقمر علاقة حياء كــــــ الأم

وهذا الحبيب البدر المؤنس الذي (يعاتبني على حلمة )  هو لايعاتب عتابا هادئا خفيفا وإنما هو يقسو في عتابه ويشتد في خصومته فهو يتعمد (التعذيب ) وليس مجرد عتاب وهو من شدته (عنيد ) وهل تجدون ـــ أنتم ـــ حبيبا أشد عنادا من هذا الذي يترك كل اعتذاراتك وتبريراتك ورجاءاتك وتوسلاتك و” يشد في كلمة ” جاءت عفوا بلاقصد أو ” مجرد كلمة ” ليس فيها المعنى الذي فهمه هو متعمدا منحرفا بها عن مدلولها

ومع ذلك …. مع هذه القسوة وهذه الحدة وهذه الشدة فماذا يقول عبد الله منصور ؟؟

( شبيه البدر في الظلمة / يعاتبني على حلمة

و.. لو عاتب يعذبني / عنيد يشد في كلمة

وحتى وين يظلمني / نقول … (نموت في ظلمه )

هل رأيتم الطفولة في المعشوق وفي العاشق ؟؟

الطفولة في ”  المعشوق ” جعلته يزعل من (حلمة )

والطفولة في العاشق جعلته يستقبل هذا الظلم الصارخ بـــــ (نموت في ظلمه )

هل عرفتم ــــ معي ـــ ماذا تعني المنابشة ؟؟

ماذا تعني المشاكسة ؟؟  

ماذا تعني الطفولة الرائعة ؟؟ 

فـــــ هل بقي من مزيد طفولة ومزيد منابشة ومزيد حلاوة ؟؟؟

بلى فـــــ الحب لايكون في كل تفاسيره إلا خرقا لــــ كل منطقنا البارد

بقي من حلاوات المنابشة أن يرفع عبد الله منصور يديه داعيا

( ويا…. نجّيه يـــــــــــــــــــا سلمه )

إي والله حبيب يعاتب على حلمة

ويقسو في العتاب

ويشد في كلمة ويشتد في الخصومة

ولكن (نموت في ظلمه ) ثم ( يانجيه ياسلمه ) وتلك نهاية (عركة الطفولة ) دائما

فإذا أراد أن يستكمل جوانب المنابشة اللذيذة وهو يفتش حناياه وخفاياه قال

( شبيه النور في الطلة / وهو شمسي وانا ظله

رصيدي في الهوى كله / على يدّه وعلى علمه )

صار البدر شمسا وإنما صار شمسا لأن الحب يزيد ولاينقص

وصار شمسا حتى يكون الشاعر …. ظلا لهذه الشمس الساطعة القوية

وصار شمسا حتى يكون دفئا وحياة يسري في العروق والحنايا حياة

وصار…… عفوا مالنا والتفسير والتبرير

هو الشعر يقذف ما فيه بلا تبرير ولاتفسير وربما كان تفسيره تفسيدا له

هو الشعر لايكون إلا ” طفولة ” تعبر عن لحظتها بما فيها فهي تملك كل شيء

هي تملك المنطق واللغة والكلمات والمعاني ملكية كاملة

أليست الطفولة هي تبعث الحياة في الحجر الجامد فــــ تجعله صاحبا ورفيق وتحدثه وتسمع منه وتغضب منه وترضى عنه وتعامله معاملتها لـــ كائن حي ؟؟؟

ولكن مارأيكم في هذا الاعتراف الواضح الفاضح

رصيدي في الهوى كله / على يدّه وعلى علمه )

فـــــ الحبيب لايجهل شيئا لأنه الأصل في كل شيء

بل هو كل شيء فــــــــــــــــ لامعنى لغيره في الحنايا

وهو ــــ على عينه وعلى يده وبـــ علمه ــــ كل رصيد الشاعر في ” الهوى ” وفي الحقيقة لارصيد غير الحبيب الذي يعرف كل شيء ويشك في كل شيء حتى في ” حلمة ” عابرة في المنام الذي هو من بعض الموت ولامسؤولية فيه

فــــــ هل رأيتم منابشة أحلى من هذا ؟؟

لايفوتني أن أشكر باسمكم من تفضّل فزوّدني بهذا النص ” التحفة ” فردني مرة أخرى إلى ” الأطياف ” وما أنا بالذي يكره الإطلالة على الحبيب

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :