أول ثلج

أول ثلج

  •  محمد الزروق

أول ثلج في ذاكرتي

يحضر بشرا

في أقصى الدنيا الملعونة

 ليس لديهم في وجداني ما يشبهنا

 سوى ما يجعل شكل القرد

وراء القفص

 يشابه رجل الكهف الأول

لا مطعمهم لا ملبسهم لا مسكنهم

حتى خطاهم فوق الندف

المتساقط في كل مكان بشوارعهم

أو في ساحات بمدنهم

 أو بضجيج السوق العامرة بشتى الألوان

وابتسامات رغم البرد

 أراها هناك

بوجه الطفل القابع بعربة تدفع بالأيدي كلها دفء

محتميا بلفافة قطن وضعتها أم بعناية

 لا تخشى أبدا إذ تخرج

من أن تفترس الأنواء براءته

 مثلما كانت تفعل أمي

 لا السيدة وراء العربة تشبه أمي

 كل الناس الملهوفة لبداية يوم شتوي

ما كانوا أبدا مثل أناس

 عاشوا طويلا بمخيلتي

 كل العالم من حولي لا يبدو شبيها بعوالم تعرفها عيني

لا الأصوات تشابه أصواتا ألفتها أذني

كل الأرجل والطرقات

وكل دكاكين الإلهاء وبيع المتعة

 وروائح قطع السالامي والدونار

 وطعم الهوت دوغ وهو يقلب فوق النار

وترنح بنت شقراء خارجة من حانة شرب

 ذاك بخار الخمر الساخن في أكواب تحمل (إسم) كرستل كندل

 مهرجانات واحتفالات عقب نهاية صنع الدنيا

صنعوا كل مشاغلهم ومطالبهم قبل النوم

أول ثلج في ذاكرتي لا يشبه أمطار بلادي

 وخرير مياه الميزاب الدافق من بيت الجيران بلون قاتم

 يحمل ذكرى أيادٍ تخرج من دفء كي تبدأ يوما

 ليست مثل أيادينا التي لا تكتب شيئا

 في أول ساعات الفصل إلى أن تفرك

ذاك الواقف كي يشتري شطيرة جبن

هل ذكرني بتدافعنا أمام المقصف كي نتدفأ؟

 وتزاحمنا أمام الخشب لكي نعبر شارعنا الغارق

ذاك الماء انسحب سريعا

هل ذكرني بسيارات تسبح مثل قوارب صيد

 تعبر نهرا فجر ليلا بعد هطول المطر بوسط الحي؟

ذاك الثلج المتساقط لا يشبه شيئا في بلدي

فبلادي دافئة جدا حسب كلام علوم الأرض وجغرافية العالم لكن

نستشعر نكهات جمود كل شتاء

يخرج مسؤول في الشاشة

 يعلن أن اليوم كسائر أيام العمر

 لا شيء جديد سوى أن البرد سيقتلنا

وعلينا جميعا ألا ننسى أن نخلد فورا للنوم

فلا شيء  لدينا نتقن صنعه مثل النوم

النوم النوم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :