- كتب / عقيلة محجوب
التقيت أحد متابعي فسانيا وقد قرأ في العدد الفائت منها مبدأ خضوع الإدارة للقانون وقد سألني بأنه لو كان ماكتبته واجبا فلماذا يتحججون بأن الإدارة قد تتحرر من سلطة القانون في الظروف الاستثنائية؟ فأجبته بسؤال عن مدى تصوره عن شرعية تلك النظرية فأجاب بأنه لا يؤمن بها إطلاقا وإنه لا يعتقد أن تطبق إلا في المجتمعات المتخلفة فقلت إن جُلّ الفقهاء في القانون قد اتفقوا على أن القوانين واللوائح قد سنت لتطبق في ظروف عادية وأن الأحداث الاستثنائية كالحروب والفتن والأزمات الاقتصادية تتطلب إجراءات استثنائية وأن هذا القول هو الأكثر شيوعا في جُل دول العالم وأن فرنسا التي تعتبر من أوائل الدول في طرح فكرة القانون والعمل به قد اعترفت بشرعية القرارات الاستثنائية التي اتخذتها الإدارة لضرورتها لتأمين النظام العام وحماية سير المرافق العامة فقد شرعن مجلس الدولة الفرنسي قرار محافظ باريس الذي منع المقاهي والخمارات في محافظته من عدم السماح للبنات بدخولهن منفردات أو بصحبة رجال لأن الغاية من هذا التدبير محاربة الجاسوسية إبان الحرب استنتج ذاك القارئ أنه في ظل الظروف الاستثنائية تحل محل الشرعية العادية شرعية استثنائية. ودّعته بعد أن اخبرته أن عديد الدساتير تعترف بهذه الشرعية في أضيق الحدود.